الامرين بناء على المعنى المختار للحديث الجامع للنفي والنهي بلحاظ كلا الجملتين وهما لا ضرر ولا ضرار.
وبعد ترجيح موقف الأنصاري في مورد النزاع وإباء سمرة عن الالتزام بموجب الحكم القضائي وصلت النوبة إلى معالجة الأمر الثاني بتنفيذ الحكم القضائي دفعا للضرر عن الأنصاري، وقد استند صلى الله عليه وآله في ذلك إلى مادة قضائه المذكور - وهي (لا ضرر ولا ضرار) - فأمر بقلع نخلته.
وأما الثالث: فيرد عليه:
أولا: إن مفاد (لا ضرار) لا يبرر الامر بالقلع في حد ذاته سواء كان حكما أوليا أو سلطانيا، إذ لا فرق بين نوع النهي في عدم دلالته على تشريع مثل هذا الاضرار كما هو واضح. وعليه فليس في الالتزام بالوجه المذكور علاج لهذه النقطة. وكأنه قد وقع الاشتباه فيما ذكر بين مرحلة اتخاذ الحاكم وسيلة لدفع الاضرار كقلع النخلة، وبين الحكم بلزوم دفعه الذي يتكفله القانون العام.
وثانيا: إن (لا ضرار) إذا كان بدلالته على النهي لا يبرر الامر بالقلع فإنه يمكن تبريره بدلالته على تشريع اتخاذ الوسائل الاجرائية لمكافحة الاضرار - على ما تقدم ايضاحه في ذكر المسلك المختار - فلا يقتضي ذلك رفع اليد عن كون الحكم قانونيا إلهيا، وسيأتي زيادة ايضاح للموضوع في التنبيه الأول من تنبيهات القاعدة.
المسلك الثالث: ما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية من إن المراد بالحديث هو نفي الحكم بلسان نفي موضوعه ادعاء (1) وملخص ما ذكره في