وفي متعلق الحرمة في الأسباب والمسببات التوليدية احتمالات ثلاثة - كما تعرضنا له في مبحث مقدمة الحرام -:
الاحتمال الأول: أن يكون مصب الحرمة إيجاد المسبب التوليدي كالحرق والضرر. وحيث إن وجود المسبب التوليدي مغاير مع وجود سببه كالالقاء للاحراق والوضوء للاضرار، فيكون إيجاده أيضا مغايرا معه لان الفرق بين الايجاد والوجود إنما هو بمجرد الاعتبار. وعليه فيكون المحرم مغايرا وجودا مع ما هو سبب له.
لا يقال: إن الأحكام التكليفية تتعلق بأفعال المكلفين والمسبب التوليدي كالاحراق والاضرار ليس بفعل للمكلف بل الاحراق أثر النار بشرط المماسة مع الجسم، والضرر أثر الماء بشرط المماسة مع البدن.
فإنه يقال: إن هذا أمر غالبي وليس شرطا إذ يكفي في صحة تعلق الحكم التكليفي بأمر كونه مقدورا للمكلف مع الواسطة.
الاحتمال الثاني: أن يكون مصب الحرمة السبب التوليدي وإنما أخذ العنوان المسبب عنه مرآة للسبب الذي يترتب عليه، فيكون الالقاء والوضوء بأنفسهما متعلقين للحرمة.
الاحتمال الثالث: أن يكون مصب الحرمة العنوان الثانوي المسمى بالمسبب التوليدي مأخوذا على نحو الموضوعية لكن مع عده من قبيل الاعتبارات المتأصلة، فإن تأصل الأمر الاعتباري كما يكون في الأحكام التكليفية والوضعية فكذلك يتحقق في جملة من الماهيات التي هي من قبيل موضوعات الأحكام ومتعلقاتها كالغصب.
والأظهر من هذه الاحتمالات هو الاحتمال الأول كما بيناه في محله.
الأمر الثاني: في حكم الوضوء والغسل حيث يترتب عليهما الضرر المحرم.