ولرد على هذا الوجه:
أولا: ما تقدم من إن شيوع إرادة النهي من هذا التركيب لا يؤثر في تقوية هذا الاحتمال وتضعيف سائر الاحتمالات بمجرد التماثل التركيبي بين المقام وبين الموارد الأخرى، مع اختلافها في ملابسات وخصوصيات مؤثرة في تغيير المعنى، بل لا بد من إحراز اتحادها في ذلك. وجملة (لا ضرر) لا تشترك مع الأمثلة المضروبة في هذه الجهة لان طبيعة الموضوع المنفي فيها أمر مرغوب عنه مما يجعل الانسان لا يتحمله إلا بتصور تسبيب شرعي فالنفي الوارد في هذا السياق النفسي يهدف بالطبع إلى إبطال التصور المذكور، ونفي التسبيب الشرعي إلى ذلك، وليس شئ من هذه الأمثلة من هذا القبيل فإنها بين طبائع خارجية مرغوبة لذاتها لانسجامها مع القوى الشهوية والغضبية، وبين طبائع اعتبارية مرغوبة لاثارها القانونية - كما سيتضح مما يأتي - فشيوع إرادة النهي في هذا المجال لا يحسم الموقف لصالح احتمال النهي في الحديث.
وثانيا: إن استعمال هذا التركيب في النهي ليس بشائع بالمستوى المدعى، إذ جملة من الأمثلة المذكورة إنما هي من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه، إما لتعذر إرادة النهي فيها وإن أفادت التحريم أو لعدم ظهورها في ذلك.
أما القسم الأول: - وهو ما يتعذر إرادة النهي منها - فهو ما اقترن بكلمة (في الاسلام) فإن وجود هذه الكلمة يقتضي كون نفي الماهية بلحاظ عالم التشريع أي عدم وقوعه موضوعا للحكم لا نفيها خارجا بداعي الزجر عن إيجادها.
ففي هذا القسم حتى لو أريد التحريم - كما في (لا خصى في الاسلام) مثلا - فإنما يكون ذلك على سبيل نفي الحكم (أي الجواز) بلسان نفي