والكلام تارة في تصوير هذا الوجه وأخرى في مدى انسجامه مع ظاهر الكلام.
أما من الناحية الأولى: فقد يشكل هذا الوجه من جهة اقتضائه الجمع بين إرادة الحكم المولوي والارشادي والجمع بين الحكمين يستلزم تعدد المراد التفهيمي بالنفي أي استعمال اللفظ في أكثر من معنى مجازي وهو خلاف الظاهر على الأقل.
ولكن التحقيق عدم اتجاه هذا الاشكال لعدم الحاجة إلى قصد معنيين بل يمكن إرادة النهي، فإن معنى النهي بحقيقته وهو الزجر جامع بينهما، إلا أنه إذا كان محتواه الوعيد على الفعل كان نهيا مولويا تحريميا. وإذا كان محتواه الارشاد إلى عدم ترتب الأثر المرغوب من الشئ - من الأثر القانوني في موضوعات الأحكام، أو امتثال الحكم المتعلق بالطبيعة لم في متعلقاتها - كان إرشاديا، ولا مانع من اجتماع الامرين كما في مورد تحريم الربا، وعليه يمكن إرادة كلتا الحرمتين، كما يمكن إرادة الحلية التكليفية والوضعية جميعا من الحكم بها في نحو ﴿أحل الله البيع﴾ (1).
نعم، يشكل الوجه المذكور من جهة أخرى وهي الجمع بين إرادة متعلق الحكمين، وذلك لان الضرر على هذا التقدير لا بد أن يكون ملحوظا باللحاظين الاستقلالي والمرآتي في حال واحد. أما اللحاظ الاستقلالي فباعتبار الحكم التكليفي، لان النهي التحريمي المولوي إنما يتعلق بالاضرار بما هو إضرار. وأما اللحاظ المرآتي فباعتبار الحكم الوضعي لأنه لا معنى لفساد الاضرار بذاته وإنما يتجه الحكم عليه بالفساد إذا أخذ مرآة لماهية يعقل اتصافها بالفساد.