هنا لان المراد في المقام النفي الواقعي.
التنبيه الرابع: في وجه تحديد انتفاء الحكم الضرري بحالة العلم أو الجهل في بعض الفروع الفقهية مع إن الضرر المنفي بالحديث غير محدد بذلك.
لا إشكال في إن الضرر المنفي في هذا الحديث إنما يراد به نفس هذه الماهية من دون دخالة العلم أو الجهل به، لان ذلك هو معناه الموضوع له كما في سائر الألفاظ حيث إنها موضوعة لذوات المعاني لا مقيدة بالعلم ولا بالجهل. وليس هناك أية قرينة خاصة تدل على هذا التحديد، وعليه فلا فرق في نفي الحديث للحكم الضرري بين أن يكون الضرر معلوما أو مجهولا.
لكن ربما يظن أن المشهور خالفوا مقتضى ذلك في بعض الفروع الفقهية فحددوا نفي الحكم الضرري تارة بصورة الجهل بالضرر كما في نفي اللزوم في موارد الغبن حيث التزموا بثبوته إذا كان الضرر معلوما، وأخرى بصورة العلم كما في نفي الوجوب الضرري حيث حكموا ببطلان الوضوء حيث يعلم بكونه مضرا دون ما إذا كان جاهلا.
فلا بد من تحقيق الامر في هذين الفرعين:
الفرع الأول: تحديد خيار الغبن بالجهل بالضرر.
ان المشهور بين فقهائنا ثبوت الغبن في المعاملة الغبنية خلافا لأكثر فقهاء العامة كالحنفية والشافعية والحنابلة، وخلافا لما اشتهر في القوانين المدنية الموضوعة. قال في مصادر الحق (الفقه الاسلامي لا يعرض للغلط في القيمة إلا عن طريق الغبن ثم هو في أكثر مذاهبه لا يعتد بالغبن ولو كان فاحشا إلا إذا صحبه تغرير أو تدليس وهو في ذلك يضحي باحترام الإرادة في سبيل استقرار التعامل، وهذا هو شأن أكثر الشرائع الغربية فقل إن تجد