جواز اقتضائي فلا ينافي ما دل على الحرمة، كما لا وجه للرجوع إلى البراءة أيضا.
وثالثا: أنه على تقدير قصور (لا ضرار) فيمكن الرجوع إلى غيره من الأدلة الدالة على حرمة مال الغير، فإن الاضرار بالغير إما أن يكون بالتصرف الحقيقي في ماله ولو على نحو التوليد، كوهن الحائط بسريان الرطوبة، وإما أن يكون بالتصرف الحكمي فيه كما لو بنى معمل دباغة أو حدادة في منطقة سكنية مما يوجب عدم قابلية الدور المجاورة للسكنى، وفي كلتا الصورتين يكون المالك بعمله هذا قد ألغى احترام مال الغيم وإن نوقش في صدق التصرف الذي هو بمعنى التغيير والتبديل خصوصا في القسم الأخير، فيأتي في المقام ما يدل على حرمة مال الغير بدون تقييده بعنوان التصرف. كما في قوله: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه) وقوله: (وحرمة ماله كحرمة دمه).
ولا يعارضها أيضا ما دل على جواز التصرف في ماله كما لا تجري أصالة البراءة كما تقدم.
الأمر الثالث: في أنه هل يمكن ادعاء أنه إذا لزم من ترك التصرف ضرر على المالك فترتفع حرمة الاضرار بقاعدة رفع المضطر إليه أم لا؟
الظاهر هو الثاني لوجهين:
الأول: إن وصول مطلق الضرر على المالك لا يوجب صدق الاضطرار على الاضرار بالغير، بل مفهوم الاضطرار يختص بما إذا وقع الشخص في الضيق ولا مهرب له إلا ارتكاب المحرم، مثل هلاك النفس وما يلحق به، أو قل أنه يختص بمورد الضرورة التي تجوز ارتكاب المحرمات.