فلو قيل مثلا (إحفظ خطبة من نهج البلاغة وإن كان عسرا فاقرأ صحيفة من القرآن) فإنه لا يستفاد منه إلا عدم الالزام بحفظ الخطبة في صورة تعسره لا عدم اجزائه كما هو واضح.
والمقام من هذا القبيل لان المرض وعدم الوجدان اللذين أخذا موضوعين للحكم الثاني - وهو الامر بالتيمم - إنما هما من الاعذار لعدم الاتيان بمتعلق الأمر الأول - من الوضوء والغسل - وعليه فيستفاد من الآية إجزاء الطهارة المائية لمن يضره الماء.
ويرد على ذلك: إن ما ذكر إنما يتم فيما إذا كان موضوع الحكم الثاني عنوان الحرج والعسر ونحوهما فيستظهر من الكلام إن متعلق الأمر الأول يؤثر أثره المطلوب في حالة العذر، وعنوان الضرر ليس من هذا القبيل عرفا، ولذا لو قال الطبيب للمريض (يجب عليك لاستعادة نشاطك أن تمشي كل يوم مقدار كيلو متر، وإن كان يضرك ذلك فاستعمل العلاج الخاص) فإنه لا يقتضي إن المشي ينفعه في استعادة نشاطه من حالة تضرره به. وكذا في المقام فمن الجائز أن يكون الأثر النفسي المطلوب من الطهارة المائية لا يحصل بها في حالة المرض والتضرر أصلا.
الوجه الثالث: إنه لا يبعد أن يكون ذكر المريض في الآية بملاحظة أن استعماله للماء حرج عليه لا مضر به، وكذلك يكون ذكر المسافر باعتبار كون تحصيل الماء بالنسبة إليه حرجيا، وعليه فالمقصود بذلك إخراج حالة الحرج في استعمال الماء أو في الوصول إليه.
ويشهد لذلك تعليل الترخيص في التيمم بقوله ﴿ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم﴾ (1).