والثاني: إنه لا يجب عليه ذلك بل يجوز له أن يجمع بين صلوات كثيرة بوضوء واحد اختاره في المبسوط (1).
والوجه: الأول، لنا: قوله تعالى: " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا " (2)، وهو عام خرج منه من لا حدث عليه فيبقى الباقي على العموم، ولأن الاحتياط يقتضي ذلك فإنه محدث، والحدث وإن لم يرتفع لأجل الضرورة فلا يسقط عنه وجوب الوضوء كالمستحاضة، ولأن القول: بتكرير الطهارة في حق المستحاضة وعدمه في حق صاحب السلس مما لا يجتمعان. والأول حق، والثاني باطل.
بيان التنافي: إن خروج الحدث المتكرر، إما أن يقتضي إيجاب الطهارة المتكررة أو لا، فإن اقتضى وجب التكرير في حق صاحب السلس عملا بالمقتضي السالم عن المعارض، وإن لم يقتض وجب عدم التكرير في حق المستحاضة عملا بالأصل وهو براءة الذمة السالم عن معارضة كون الخروج المتكرر موجبا.
احتج الشيخ رحمه الله بأن الأصل براءة الذمة، وحمله على المستحاضة قياس. ونحن لا نقول به.
والجواب إن البراءة الأصلية معارضة بدليل الاحتياط فيبقى ما ذكرناه من الأدلة سالما عن المعارض.
وقد روى ابن بابويه في الصحيح عن حريز عن الصادق عليه السلام أنه قال: إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا، ثم علقه عليه وأدخل ذكره فيه، ثم صلى، يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين، ويؤخر المغرب، ويعجل العشاء بأذان وإقامتين، ويفعل ذلك في الصبح (3).