بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على هدايته لدينه والتوفيق لما دعا إليه من سبيله، والصلاة والسلام على محمد حبيبه وخليله، وعلى آله الهادين إلى صراط الحق المبين.
لقد أشرقت في سماء العلم كواكب بددت بنورها ظلام الجهل المقيت، وهي مشرقة أبدا لن يخبو نورها ولن يمحو أثرها تقادم الأعوام ومرور الأيام، بل يعرف قدرها كلما ابتعدنا عن زمان انبثاقها، وعلماؤنا الماضون أعلى الله مقامهم أضاؤوا الدنيا بما أفاضوا علها من نوار علومهم، ولم يتركوا شيئا مما يمكن أن يراود أذهان البشر إلا وأعطوه حكمه وبينوا فقهه، حتى أعجزوا من خلفهم، فكان من يأتي بعدهم عنهم يأخذ ومن عذب مواردهم ينهل، فلهم الفضل في إرساء قواعد المذهب بعد أئمة الهدى عليهم السلام، ولهم فخر إبقائه بأبوابه الواسعة، وعطاياه التي لا تنضب.
وكان العلامة الحلي قدس سره واحدا من هؤلاء الأفذاذ الذين بخل الزمان أن يجود بمثله وعقم أن يلد نظيره، فقد أثرى علوم الدين وسد ما فرغ من أبوابه، فقد وقف كل ساعات عمره لخدمة المذهب، ولم يدع التأليف وبث فكر الإمامية حتى وإن كان راكبا قتب بعير، ولم يترك ذلك في حله وترحله، وما انتشار مذهب أهل البيت عليهم السلام في إيران إلا نتاج ذلك الجهد، وكفى به فخذا، وكفاه سموا أن لا يعرف سواه إذا قيل آية الله على الإطلاق.
وقد عرف العلامة بالمطولات الفقهية التي شحنها بمختلف المسائل إلا أن ثلاثة منها متميزة عن سائر كتبه، وهي: