منع منه. وليكن البيع بيعا سمحا بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل به وعاقبه في غير إسراف. " (1) وتقريب الاستدلال أن أمره (عليه السلام) بالتنكيل والمعاقبة دليل واضح على الحرمة، لعدم جواز العقوبة على المكروه.
فإن قلت: ظاهر الرواية أن ممنوعية الحكرة ليست بالذات ومن قبل الله - تعالى - لتكون حرمة فقهية، بل هي من قبل الوالي ومن شؤون الولاية; فهو (عليه السلام) أمر مالكا بالمنع منه بولايته كما منع منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذلك. وبعد منع الوالي تصير حراما ولائيا، ولذا قال: " فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه. " وهذا البيان يجري في الرواية السابقة، وكذا اللاحقة أيضا.
قلت: الظاهر أن الحكم الولائي الصادر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا عن الأئمة (عليهم السلام) أيضا يعم جميع الأمة لعموم ولايتهم، اللهم إلا أن تكون هنا قرينة على الاختصاص. ألا ترى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) علل منعه بمنع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ويظهر للمتتبع في الروايات، أن الأئمة - عليهم السلام - كانوا كثيرا ما يستدلون في المسائل المختلفة بالأحكام الولائية الصادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فولاية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على المؤمنين الثابتة بالآية الشريفة لا تختص بالمؤمنين في عصره فقط. وقوله - تعالى -: " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (2) يعم الأمر والنهي الولائيين أيضا، كما أن جعل الإمام الصادق (عليه السلام) الحكومة للفقيه في مقبولة عمر بن حنظلة (3) مع كونه حكما ولائيا لا يختص بعصر الإمام الصادق (عليه السلام)، فتأمل.
5 - وفي دعائم الإسلام عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كتب إلى رفاعة: " إنه