فأما اعتماد من نفى العول من أصحابنا وغيرهم على أن الزوج والزوجة كانت لكل واحد منهما فريضة فحطا إلى دونها، وكذلك الأبوان حطا من فريضة إلى أخرى والبنات والأخوات لم يهبطا من فريضة إلى أخرى فدخول النقص على من لم يلحقه نقص أولى من دخوله على من نقص فليس بشئ وإنما هو دعوى محضة.
وإذا قيل لهم: ولم إذا كان الأمر على ما حكيتموه وجب ما ظننتموه ولو عكس عاكس ذلك عليكم، فقال: دخول النقص على الزوجين والأبوين دلالة على ضعف حكمهما وامتناع دخول النقص على البنات والأخوات أمارة لقوة نصيبهما، فإدخال العول على الضعيف أولى من القوي لم يجدوا فرقا صحيحا وهم يروون هذا الترجيح عن ابن عباس رحمه الله وإذا صح عنه فلا حجة فيه لما أشرنا إليه.
والمعتمد في نفي العول على ما قررناه - وليس يشبه ما يقولونه في العول - الديون إذا كانت على الميت ولم تف تركته بالوفاء بها، فإن الواجب القسمة للمال على أصحاب الديون بحسب ديونهم من غير إدخال نقص على بعضهم وذلك أن أصحاب الديون مستوون في وجوب استيفاء أموالهم من تركة الميت، وليس لأحد مزية على الآخر في ذلك، فإن اتسع المال لحقوقهم استوفوها، وإن ضاق تساهموه وليس كذلك مسائل العول، لأنا قد بينا أن بعض الورثة أولى بالنقص من بعض، وأنهم غير مستويين كاستواء أصحاب الديون فافترق الأمران.
ومما يمكن أن يفرق به بين العول والدين إذا ضاقت التركة عنهما أن الديون ربما اتسعت أموال الميت لاستيفائها منها، وليس كذلك العول لأن ولا قلة وكيف يشبه الديون العول وفي أصحابا من ذهب إلى أن البنت إنما جعل لها النصف مع الأبوين، وجعل للبنتين الثلثان أيضا معهما، فإذا انفردت البنت الواحدة أو الابنتان عن الأبوين تغير هذا الفرض، وهذا إنما ارتكبوه فرارا به من العول حتى لا يجتمع في مرأة ماتت وخلفت بنتين وأبوين وزوجا الثلثان والسدسان والربع.
وقد بينا في مسألة أمليناها مفردة وتكلمنا فيها على شئ أخطأ فيه الفضل بن شاذان