أجمعت الأمة على أن البنتين هاهنا منقوصتان بلا خلاف، فيجب أن يعطي الأبوين السدسين والزوج الربع ويجعل ما بقي للبنتين ونخصهما بالنقص لأنهما منقوصتان بالإجماع ومن عداهما ما وقع إجماع على نقصه من سهامه ولا قام دليل على ذلك.
فظاهر الكتاب يقتضي أن له سهما معلوما فيجب أن نوفيه إياه ونجعل النقص لاحقا بمن أجمعوا على نقصه، وقد استدل على ذلك بعض أصحابنا من القرآن وعليه اعتراضات كثيرة فأضربنا عنه.
فصل:
وأما الرد فعندنا أن الفاضل عن فرض ذوي السهام من الورثة يرد على أصحاب السهام بقدر سهامهم ولا رد على الزوجين كمن خلف بنتا وأبا فللبنت بالتسمية النصف وللأب بالتسمية السدس وما بقي بعد ذلك وهو ثلث المال رد عليهم بقدر أنصبائهما فللبنت ثلاثة أرباعه وللأب ربعه، ويمكن أن يستدل عليه بقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، زائدا على الاجماع، فدل على أن من هو أولى بالرحم وأقرب به أولى بالميراث، وقد علمنا أن قرابة الميت وذوي أرحامه أولى بميراثه من المسلمين وبيت المال وأصحاب السهم غير الزوج والزوجة أقرب إلى الميت من عصبته فوجب أن يكون فاضل السهام إليهم مصروفا.
فإن قيل: لم يقع التصريح في الآية بأن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في الميراث؟
قلنا: اللفظ يحتمل الميراث وغيره فنحمله بحكم العموم على جميع ما يحتمله، ومن ادعى التخصيص فعليه الدليل.
واحتج المخالف لنا في الرد بقوله: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، فجعل للأخت النصف إذا مات أخوها ولا ولد له ولم يزد عليه، فدل على أنها لا تستحق أكثر من النصف بحال من الأحوال.
والجواب عن ذلك: أن النصف إنما وجب لها بالتسمية لأنها أخت والزيادة إنما تأخذها لمعنى آخر وهو الرد بالرحم، وليس يمتنع أن ينضاف سبب إلى آخر، مثال ذلك: