بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، ففي الآية دلالة على أن من كان قرباه أقرب إلى الميت كان أولى بالميراث سواء كان عصبة أو لم يكن أو تسمية أو لم يكن لأن مع كونه أقرب تبطل التسمية، وهذه الآية نسخت حكم التوارث بالنصرة والهجرة على ما قدمناه فإنهم كانوا لا يورثون الأعراب من المهاجرين على ما ذكر في الآيات الأول.
ومن قال: الولاية في الآيات الأولة ولاية النصرة دون الميراث؟ نقول: ليست ناسخة لهما بل هما محكمتان، قال مجاهد: في هذه الآيات الثلاث ذكر ما والى به رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والأنصار في الميراث ثم نسخ ذلك بآخرها من قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، وقال ابن الزبير: نزلت في العصبات، كان الرجل يعاقد الرجل يقول: ترثني وأرثك، فنزلت: وأولوا الأرحام، إلى آخرها.
باب في مسائل منها:
روي عن أبي جعفر ع أنه قال في رجل ترك خالتيه ومواليه أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض: المال بين الخالتين، ولا يرث الموالي مع أحد من القرابات شيئا وإن كان بعيدا لأن الله تعالى قد ذكرهم وفرض لهم وأخبر أنهم أولى في هذه الآية ولم يذكر الموالي، والحديث الذي رواه المخالفون أن مولى لحمزة توفي وأن النبي ص أعطى بنت حمزة النصف وأعطى ورثة المولى الباقي، فهو خبر واحد ومع التسليم نقول: لعل ذلك كان شيئا قبل نزول الفرائض فنسخ.
فقد فرض الله للحلفاء في كتابه فقال: والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم ولكنه نسخ ذلك بقول: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، فمتى خلف أحدا من ذوي الأرحام وترك مولاه المنعم أو المنعم عليه فالمال لنسيبه وليس للموالي شئ فإنه تعالى يقول: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا، يعني الوصية لهم بشئ أو هبة الورثة لهم من الميراث شيئا.