لأنها لا يمكنها المقام بعدهم وحدها في الموضع الذي ارتحلوا منه، فإن ارتحل الحي إلا أهلها وكان في أهلها منعة لم يجز لها أن ترتحل وكان عليها الإقامة معهم وتعتد لأنه يمكنها مع ذلك المقام في بيتها من غير ضرر يلحقها في مقامها لذلك، فإن انتقل أهلها وبقي من الحي قوم فيهم منعة كانت مخيرة بين المقام وتعتد في بيتها وبين الخروج مع أهلها وتعتد حيث يرتحلون إليه لأن في تأخرها عليها ضررا باستيحاشها من أهلها، فإن مات أهلها وبقي من الحي قوم فيهم منعة كان عليها المقام وتعتد.
وإذا طلق الرجل زوجته وهي في منزل تخاف من انهدامه واحتراقه أو وصول اللصوص إليه أو الدعار وأرادت الانتقال منه، كان لها ذلك لأن ما جاء فيه عذر يبيحها ذلك، وإذا وجب على المطلقة حق وكان يمكن استيفاؤه من غير خروجها من منزلها لم يجز اخراجها لذلك لأنه يمكن استيفاؤه مع مقامها في منزلها، فإن كان عليها حق تجحده وكانت بارزة تدخل وتخرج فإنها تخرج ويقام عليها إن وجب عليها ويستوفى ما عليها من حق، وإن كانت غير بارزة لا تدخل ولا تخرج فإن الحاكم يقيم عليها الحد في منزلها ويبعث من ينظر بينها وبين خصمها في بيتها.
وإذا طلق الرجل زوجته فاستحقت السكنى ولم يكن للرجل ذلك وجب عليه أن يستأجر لها منزلا، فإن كان غائبا استأجر الحاكم من ماله لأنها استحقت السكنى فوجب أن يوفي ما تستحقه كالدين، فإن لم يكن له مال ورأى الحاكم أن يقترض عليه ويستأجر لها فعل ذلك وكان دينا في ذمته، فإن استأجرت ذلك بغير أمر الحاكم لها فيه مع القدرة على استئذانه كانت مطوعة ولم يكن لها الرجوع على الزوج بشئ، فإن لم تقدر على استئذان الحاكم جاز لها ذلك.
وإذا طلق زوجته وهي في منزلها وأقامت فيه حتى كملت عدتها ولم تطالبه بأجرة ثم طلقها لم يلزمه ذلك، لأن الظاهر من من سكونها التطوع بالمقام في منزلها، فلم يجز لها المطالبة بالبدل، فإن استأجرت دارا وسكنتها ولم تطالبه بالأجرة حتى انقضت عدتها ثم طالبته بعد ذلك بها لم يلزمه ذلك لأنها إنما تستحق أجرة السكنى على الزوج إذا سكنت حيث يسكنها، فأما إذا