أن تكون حاملا أو غائبة عن زوجها أو ممن لم يدخل بها بعد أو آيسة من محيض فيكون حكمها في ذلك الحكم الذي ذكرناه في باب الطلاق. ولا يقع خلع ولا مباراة ولا طلاق إلا بالإشهاد الذي وصفناه وإن كانت المرأة مسترابة وعلى كل حال حسب ما قدمناه.
وأما المباراة: فهو ضرب من الخلع لأنه لا يقع إلا على عوض وذلك أن تكره المرأة الرجل ويكره الرجل المرأة فيظهر ذلك منهما بأفعالهما ويعلم كل واحد منهما ذلك من صاحبه، فتختار المرأة حينئذ الفراق فتقول للرجل: أنا كارهة لك وأنت أيضا كذلك فخل سبيلي لأتصرف في نفسي، فيقول لها: لك علي دين فاتركيه حتى أخلي سبيلك، أو يقول لها:
قد أخذت مني كذا وكذا فرديه علي أو بعضه لأخلي سبيلك فتجيبه إلى ذلك فيطلقها عليه.
ولا يجوز له إذا كان كارها لها أن يأخذ منها على الطلاق لها أكثر مما أعطاها، وفي الخلع يحل له أن يأخذ أضعافه. ومتى أراد طلاقها على المباراة طلقها على السنة في طهر بمحضر من رجلين مسلمين عدلين حسب ما قدمناه، وإذا طلقها على عوض لم يكن له عليها رجعة إلا أن تختار هي الرجعة فيستأنف نكاحها بعقد مبتدأ ومهر جديد.
ولا يقع شئ من الطلاق بيمين ولا بشرط، ولا يقع طلاق ثان في عدة يملك المطلق فيها الرجعة بعد تطليقة أولة أو ثانية إلا برجعة بينهما على ما شرحناه.
باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع وحكمهم بعده وهم أطفال:
وإذا طلق الرجل امرأته ولها منه ولد يرضع كان عليه أن يعطيها أجر رضاعه، فإن بذل لها شيئا في ذلك فلم تقنع به ووجد من يرضعه بذلك القدر من الأجر كان له انتزاعه منها ودفعه إلى مرضعة غيرها بالأجر، فإن اختارت أمه رضاعه بذلك الأجر كانت أحق به. وليس على الأب بعد بلوغ الصبي سنتين أجر رضاع، فإن اختارت أمه رضاعه تبرعا بعد ذلك لم يكن له منعها منه ما لم يضر ذلك به.
والحد الذي يجوز فصل الصبي عن الرضاع فيه من الزمان بلوغه أحدا وعشرين شهرا، فإن فصل منه دون ذلك كان ظلما له. وأقصى الرضاع حولان كاملان كما قال الله عز وجل لمن أراد إتمامه.