سكنت هي حيث شاءت لم يكن لها عليه شئ، فإن استأجرت منزلا أو سكنت في منزلها بعض العدة ولم تطالب ثم طالبت كان لها أجرة السكنى من وقت المطالبة ولا شئ لها على ما تقدم من سكناها، لأنها فيما تقدم سكنت حيث أرادت فلم تستحق أجرة ذلك، وفي المستقبل يسكنها زوجها حيث شاء فاستحقت الأجرة عليه.
وإذا اتفق السفر لرجل مع زوجته في سفينة وطلقها وكان له منزل غير السفينة يأوي إليه كان لها الخيار في الرجوع إلى المنزل وتعتد فيه، وإن لم يكن له منزل يأوي إليه غير السفينة كان حكمها حكم الدار، وإذا كان لها بيوت منفرد كل بيت منها بباب وغلق اعتدت في بيت منها، فإن كانت كبيرة أو صغيرة وليس فيها بيوت وكان معها محرم فإنه يخرج من السفينة ويترك المرأة في بيتها حتى تعتد، وإن لم يكن معها محرم خرجت من السفينة واعتدت في أقرب المواضع إليها مثل الدار.
والمعتدة التي تستحق السكنى تلازم البيت وليس لها أن تخرج منه بغير حاجة، فإن اضطرت إلى الخروج بأن تخاف من غرق أو حرق أو هدم، كان لها الخروج سواء كانت معتدة عن طلاق أو وفاة، فإن لم تكن مضطرة إلى الخروج لكن تريده لحاجة من ابتياع قطن أو بيع غزل جاز لها الخروج لذلك نهارا ولا يجوز لها ليلا، وعلى المعتدة من الوفاة الحداد، وهو تجنبها لكل ما يدعو إلى أن تشتهي وتميل النفس إليه من مثل الطيب وليس المطيب والخضاب وغير ذلك، فإذا تجنبت ذلك فقد حدت، فأما غير هذه المعتدة من المعتدات فلا يلزمها ذلك.
والأدهان على ضربين: طيب وغير طيب، فأما الطيب فهو كدهن البنفسج والبان والورد وما جرى مجرى ذلك، وهذا لا يجوز للمعتدة استعماله في شعرها ولا بدنها، وأما الضرب الآخر وهو ما ليس بطيب فهو كالشيرج والزيت، وهذا لا يجوز استعمالها له في شعرها لأن يرجله ويحسنه، ويجوز أن تستعمله في بدنها لأنه ليس فيه طيب ولا زينة لها، فإن كان لها لحية لم يجز لها أن تدهنها. فأما الكحل الأسود الذي هو الأثمد فلا يجوز لها أن تكتحل به ولا أن تختضب