والفقهاء جعلوا " من " متعلقة بالإيلاء حتى إذا استعملوها معه قالوا: آلى من امرأته، إذا حلف الحلف الموصوف، وقال أبو مسلم: هي متعلقة باللام في: للذين يؤلون، كما يقولون لك: مني النصرة والمعونة، والصحيح أن الإيلاء يستغني عن من والمعروف آلى عن امرأته، والأحسن من هذا كله أن يكون " من " ههنا للتبعيض أي من آلى من جملة نسائه على واحدة أو على بعضهن أو على جميعهن، وقال النحويون: اللام يفيد الاستحقاق كما يقول اللعن للكفار.
وقوله: من نسائهم، يتعلق بالظرف كما يقول: لك مني نصرة ولك مني معونة أي للمولين من نسائهم تربص أربعة أشهر، وليس من يتعلق بيؤلون لأن اللغة تحكم أن يقال:
آلى على امرأته، وقول القائل: آلى فلان من امرأته، وهم إنما توهمه من هذه الآية لما سمع الله تعالى يقول: للذين يؤلون من نسائهم، ظن أن من يتعلق بيؤلون فكرروا في كتاب الإيلاء " آلى من امرأته " والصواب ما ذكرته.
فصل: في اللعان:
قال الله تعالى: والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، إذا قذف الرجل امرأته بالفجور وادعى أنه رأى معها رجلا يفجر بها مشاهدة ولم يقم به أربعة من الشهود كان عليه ملاعنتها، وكذلك إذا انتفى من ولد زوجة له في حباله أو بعد فراقها مدة الحمل، ومعنى الآية أن من رمى زوجته بالزنى تلاعنا إذا لم تكن صماء أو خرساء إذا لم يكن له شهود أربعة.
والملاعنة أن يبدأ الرجل فيحلف بالله أنه صادق فيما رماها به ويحتاج أن يقول: أشهد بالله أني لصادق، لأن شهادته أربع مرات تقوم مقام أربعة شهود في دفع الحد عنه، ثم يشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، وإذا جحدت المرأة ذلك شهدت أربع شهادات أنه لمن الكاذبين فيما رماها به وتشهد الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ثم يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا كما فرق رسول الله ص بين هلال بن