متى أبي كل واحد منهما مصالحة الآخر، بأن تطالب المرأة نصيبها من النفقة والقسمة وحسن العشرة ويمتنع الزوج من إجابتها إلى ذلك لميله إلى الأخرى ويتفرقا حينئذ بالطلاق فإن الله يغني كل واحد بفضله.
فصل:
ثم قال تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، أي أنهم يقومون بأمرهن وبتأديبهن، فدلت الآية على أنه يجب على الرجل أن يدبر أمر المرأة وأن ينفق عليها لأن فضله وإنفاقه معا علة لكونه قائما عليها مستحقا لطاعتها، فالصالحات مطيعات لله ولأزواجهن حافظات لما غاب عنه أزواجهن من ماله وما يجب من رعايته و حاله وما يلزم من صيانتها نفسها لله.
واللاتي تخافون نشوزهن: النشوز هاهنا معصية الزوج وأصله الرفع على الزوج من قولهم: هو على نشز من الأرض، أي ارتفاع والنشوز يكون من قبل المرأة على زوجها خاصة والشقاق منهما.
فعظوهن فإن رجعن وإلا فاهجروهن في المضاجع، وعن الباقر ع: هجر المضاجعة هو أن يحول ظهره إليها وقال ابن جبير هو هجر الجماع، وقال بعضهم: اهجروهن اربطوهن بالهجار أي الحبل، وهذا تعسف في التأويل ويضعفه قوله: في المضاجع، ولا يكون الرباط في المضاجع، فأما الضرب فإنه غير مبرح بلا خلاف، قال أبو جعفر ع: هو بالسواك فإن أطعنكم فلا تطلبوا العلل في ضربهن وسوء معاشرتهن.
ثم قال: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، ويجعلا الأمر إليهما على ما يريان من الصلاح، فإن رأيا من الصلاح الجمع بينهما جمعا ولم يستأذنا ولم يكن لهما مخالفتهما، وإن رأيا من الصلاح التفريق بينهما لم يفرقا حتى يستأذنا فإن استأذناهما ورضيا بالطلاق فرقا بينهما، وإن رأى أحد الحكمين التفريق والآخر الجمع لم يكن لذلك حكم حتى يصطلحا على أمر واحد إما جمع وإما تفريق، ومعنى الآية أي إن علمتم والأولى والأصح أن يحمل على خلاف الأمن، لأنه لو علم الشقاق يقينا لم يحتج إلى