باب أحكام الطلاق:
وإذا دخل الرجل بالمرأة وكانت ممن ترى الدم بالحيض وكانا مجتمعين في بلد واحد ثم أراد طلاقها لم يجز له ذلك حتى يستبرئها بحيضة، فإذا طهرت من دمها طلقها بلفظ الطلاق مرة واحدة فقال لها: أنت طالق أو هي طالق وأومأ إليها بعينه أو فلانة بنت فلان طالق، ويشهد على نفسه بذلك رجلين مسلمين عدلين، فإذا فعل ذلك فقد بانت منه بواحدة وهو أملك برجعتها ما لم تخرج من عدتها.
فإن بدا له من فراقها وهي في العدة وأراد مراجعتها أشهد نفسين من المسلمين على أنه قد راجعها فقال: اشهدا على أنني قد راجعت فلانة، فإذا قال ذلك عادت إلى نكاحه ولم يكن لها الامتناع عليه، ولو لم يشهد على رجعته كما ذكرناه ويقول فيها ما شرحناه وعاد إلى استباحة زوجته فوطئها قبل خروجها من عدتها أو قبلها أو أنكر طلاقها لكان بذلك مراجعا لها وهدم فعاله هذا حكم عدتها.
وإنما ندب إلى الإشهاد على الرجعة وسن له ذلك ذلك احتياطا فيها لثبوت الولد منه واستحقاقه الميراث بذلك ودفع ادعاء المرأة استمرار الفراق المانع للزوج من الاستحقاق، ومتى تركها حتى تخرج من عدتها فلم يراجعها بشئ مما وصفناه فقد ملكت نفسها وهو كواحد من الخطاب، إن شاءت أن ترجع إليه رجعت بعقد جديد ومهر جديد وإن لم تشأ الرجوع إليه لم يكن له عليها سبيل وهذا الطلاق يسمى طلاق السنة.
فإن طلقها على ما وصفناه في طهر لا جماع فيه بمحضر من رجلين مسلمين عدلين، ثم راجعها قبل أن تخرج من عدتها ثم طلقها بعد ذلك تطليقة أخرى على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين، ثم راجعها قبل أن تخرج من عدتها ثم طلقها ثالثة في طهر من غير جماع بمحضر من شاهدين مسلمين، فقد بانت منه بالثلاث وعليها أن تستقبل العدة بعد التطليقة الثالثة ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره وهذا الطلاق يسمى طلاق العدة.
ومن طلق امرأته بعد دخوله بها وهو معها في مصر فلفظ بطلاقها وهي حائض كان الطلاق باطلا غير واقع بها، وكذلك إن طلقها وهي في طهر قد جامعها فيه ولم تكن حاملا