كان على الزوج إسكانها فيه، وإن لم يرض بذلك أو طلب أكثر من أجرة مثله لم يلزم الزوج أن يسكنها فيه، وسقط حق الزوجة من سكنى الدار بعينها وثبت حقها من السكنى في ذمة زوجها، فإن كان موسرا كان عليه أن يستأجر لها موضعا بقدر سكنى مثلها في أقرب المواضع من الموضع الذي كانت فيه إن تمكن من ذلك، وإن كان معسرا وعليه ديون كانت الزوجة تستحق السكنى في ذمته والغرماء أيضا يستحقون ديونهم في ذمته، فإن كان طلقها بعد الحجر ضربت مع الغرماء بقدر حقها من السكنى، وإن كان الطلاق قبل الحجر ثم حجر عليه، فإن المرأة تضرب مع الغرماء في حقها لأن حقها وحقهم متساو في الثبوت في الذمة.
وإذا أمر الرجل زوجته بالانتقال من المنزل الذي هي ساكنة فيه إلى منزل آخر فانتقلت ببدنها ولم تنقل مالها وعيالها ثم طلقها كان عليها العدة في المنزل الثاني دون الأول، والاعتبار بالمنزل الذي تكون مقيمة فيه لا بالمال والعيال، وإذا أمرها بالانتقال من منزلها إلى منزل آخر فخرجت من المنزل الأول إلى الثاني وعادت إلى الأول لنقل مالها أو بعض حوائجها ثم طلقها، فإنها تعتد في المنزل الثاني الذي انتقلت إليه لأنه قد صار منزلا لها ورجوعها إلى الأول إنما كان لحاجة، فإذا أمرها بالانتقال من منزلها الذي تسكنه إلى منزل آخر فخرجت من الأول ولم تصل إلى الثاني حتى طلقها وهي بين المنزلين كان عليها أن تعتد في الثاني لأنها مأمورة بالانتقال إليه.
وإذا أمرها بالخروج من بلدها إلى بلد آخر ثم طلقها، فإن كان طلاقه لها حصل قبل خروجها من منزلها اعتدت في منزلها لأن الطلاق صادفها وهي مقيمة فيه، وإن كان طلقها بعد فراقها لمنزلها ولم تفارق بنيان البلد كان عليها الرجوع إلى منزلها الأول وتعتد فيه لأنها لم تفارق البلد.
وإن كان خروجها لأنه أذن لها في الحج أو الزيارة أو النزهة ولم يأذن في إقامة مدة مقدرة ففارقت البلد وطلقها لم يلزمها الرجوع إلى منزلها لأنه ربما كان الطريق مخوفا وتنقطع عن الرفاق، فإذا أرادت الرجوع كان لها أن تعتد في منزلها، وإن تعذر في وجهها