الرجل كان قد أشهد على طلاقها، فإذا راجع قبل انقضاء العدة ولم يشهد فإن أنكرت المرأة المراجعة بعد انقضاء العدة ولم يكن للرجل بينة على المراجعة وكان لها بينة على الطلاق فرق الحاكم بينهما على ظاهر الشرع، فالاحتياط هو الإشهاد في المراجعة ويصح من دونه لأنه تعالى جعلها حقا للبعل، وله أن يراجع بغير رضاء منها لأن الله جعله أحق بذلك، ويدل الظاهر على أن له الرجعة في كل مطلقة يلزمها العدة ولا يكون تطليقا بائنا وقال تعالى في موضع آخر: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة: فلما أمر بالتطليق وأن يكون بعدة تحصى، بين تعالى في هذه الآية العدة ما هي فقال: ثلاثة قروء وقال في آيات أخر بيان العدد كلها على ما ذكرناه، وقد ذكرنا من قبل أنه تعالى إنما قال: ثلاثة قروء ولم يقل: ثلاثة أقراء على جمع القليل لأنه لما كانت كل مطلقة مستقيمة الحيض على ما ذكرناه يلزمها هذا، دخلت معنى الكثرة فأتى ببناء الكثرة للإشعار بذلك فالقروء كثيرة إلا أنها ثلاثة ثلاثة في القسمة.
باب ما يكون كالسبب للطلاق:
وهو على ضربين: النشوز والشقاق، ولكل واحد منهما حكم دون حكم الآخر، أما النشوز فقد قال الله تعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا وأصلح خير، وهو أن يكره الرجل المرأة وتريد المرأة المقام معه وتكره مفارقته ويريد الرجل طلاقها فتقول له: لا تفعل إني أكره أن يشمت بي، فكلما يلزمك من نفقة وغيرها لي فهو لك وأعطيك أيضا من مالي شيئا معلوما ودعني على حالتي، فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما على هذا الصلح، ومعنى الآية أن امرأة علمت من زوجها كراهة بنفسه عنها إلى غيرها وارتفاعا بها عنها إما لبغضه وإما لكراهة منه شيئا منها، إما دمامتها و إما سنها وكبرها أو غير ذلك.
أو إعراضا: يعني انصرافا بوجهه أن يبغض منافعه التي كانت لها منه فلا جناح:
ولا حرج عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، بأن تترك المرأة له يومها أو تضع عنه بعض ما يجب لها من نفقة أو كسوة أو غير ذلك تستعطفه بذلك وتستديم المقام في حباله والتمسك