يحصل جميع شرائط الطلاق، والعمل على ما قدمناه، ومتى طلقها في الحيض والحال ما ذكرناه فلا يقع طلاقها لأنه خلاف المأمور به، وهو منهي عنه والنهي يدل على فساد المنهي عنه وعند الفقهاء أنه يقع الطلاق وإن كان بدعة، ولم يبين المفسرون معنى اللام في قوله " لعدتهن " وكيف صار هذا اللفظ عبارة عما فسروه به من أن المراد طاهر من غير جماع، والقول في ذلك أن اللام لام العلة والسبب.
فإن قيل: علة الفعل ما يولد عنه، يعني الفعل يتولد من العلة ولم يتولد الطلاق من العدة وإنما تولد من إيثار الزوج مفارقة المرأة، والجواب: أن ذلك يحتاج إلى بيان لأن في الكلام حذفا وإيجازا كأنه قال: تعهدوا بطلاقهن هذه الحالة لأجل عدتهن، أي ليعتددن في الوقت لأن ابتداء عدتها الطهر الذي طلق فيه، " ثم أحصوا عدتها " أي احفظوا أقراءها، وإن مضت الثلاثة منها ولم تراجعوهن فلا سبيل إلى المراجعة من بعد، ومثل هذا اللام قوله:
أقم الصلاة لدلوك الشمس، ولقول النبي ع: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته.
وقال أبو علي المرزوقي: اللام في قوله " لعدتهن " ظرف للطلاق بمنزلة وقت له والدليل عليه قوله تعالى: لأول الحشر، فجعل له أولا، وقيل: العدة هنا الحيض والمعنى فطلقوهن قبل الحيض، وإحصاء العدة حفظ وقت الطلاق ثم أيام الطهر والحيض إلى أن يقع البينونة.
فصل:
ثم قال تعالى: واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن، غلظ الله أمر المطلقين بالوعيد أي لا تخرجوهن زمان العدة لأنه لا يجوز اخراجها من بيتها، وأمر المطلقات ألا يخرجن باختيار أنفسهن قبل انقضاء عدتهن.
وعندنا وعند جميع الفقهاء يجب عليه السكنى والنفقة والكسوة إذا كانت المطلقة رجعية وإن كانت بائنة فلا نفقة لها ولا سكنى، وقال عطاء والضحاك وقتادة: لا يجوز أن تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها إلا عند الفاحشة، وقال الحسن وعامر والشعبي ومجاهد وابن زيد: الفاحشة هاهنا الزنى تخرج لإقامة الحدة وقال ابن عباس: الفاحشة البذاء على