فأما الغائب عنها زوجها فإنه - إذا أراد طلاقها - طلقها على كل حال، وكذلك التي لم ويلحق بذلك الخلع والمباراة لأن طلاقهما بائن. ومعنى الخلع والمباراة أن المرأة لا تخلو أن تكون مختارة فراق زوجها وهو لا يختار ذلك، أو يكون هو أيضا مختارا له. فإن ظهر كراهتها هي له وعصيانها كان له أن يطالب على تسريحها عوضا ويجوز أن يكون زائدا على ما وصل إليها منه فإذا أجابته على ذلك قال لها: قد خلعتك على كذا وكذا فإن رجعت في شئ منه، فلي الرجعة عليك وأنا أملك بك. فإن رجعت رجع، فهذا هو الخلع وهو بائن.
وإن كانت الكراهة بينهما، ثم قالت هي له: سرحني، جاز أن يأخذ منها عوضا مثل ما أعطاها من مهر وغيره ولا يتجاوزه ثم يطلقها بائنا.
وشروط الخلع والمباراة شروط الطلاق إلا أنهما يقعان بكل زوجة. وأما الفراق بغير الطلاق فعلى ضربين: بموت وغير موت. فما هو بموت معروف، وما هو بغير موت فنكاح المتعة فراقه بتصرم الأجل. والمرتد عنها زوجها تبين بغير طلاق.
وكل من دلس نفسه وعلم به فلم ترض به زوجته فإنها تبين منه بغير طلاق.
والعمة والخالة إذا أنكح عليهما بنتا أختهما أو أخيهما فلم ترضيا، واختارتا الفراق اعتزلتا بعليهما وبانتا بغير طلاق. ومن نكح عليها أمة بالعقد ولم ترض بذلك فارقت بعلها بغير طلاق إلى غير ذلك مما هو غير البائن بالطلاق.
ومن ذلك: اللعان:
وهو بضربين: أحدهما أن يدعي الرجل أنه رأى رجلا يطأ امرأته المسلمة الحرة الصحيحة من الصمم والخرس في فرجها ثم لا يكون له شهود بذلك. والآخر بأن ينفي من تدعي امرأته بأنه ولده ويزعم أنه ليس منه. فحينئذ يقعد الحاكم مستدبر القبلة ويقيمه بين يديه ويقيم المرأة عن يمينه، ثم يقول له: قل: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما ذكرته عن هذه المرأة أو أن هذا ليس بولدي. يقول ذلك أربع مرات، ثم يعظه بعد الأربع ويقول له: لعنة الله تعالى شديدة ولعلك حملك على ذلك حامل. فإن رجع عن ذلك جلده حد المفتري وردها إليه، وإن لم يرجع قال له: قل: إن لعنة الله على إن كنت من الكاذبين. فإذا قال ذلك قال