الركن الثالث: في الصيغة:
والأصل أن النكاح عصمة مستفادة من الشرع لا يقبل التقايل فيقف رفعها على موضع الإذن، فالصيغة المتلقاة لإزالة قيد النكاح: أنت طالق أو فلانة أو هذه وما شاكلها من الألفاظ الدالة على تعيين المطلقة، فلو قال: أنت الطلاق أو طلاق أو من المطلقات، لم يكن شيئا ولو نوى به الطلاق وكذا لو قال: أنت مطلقة، وقال الشيخ رحمه الله: الأقوى أنه يقع إذا نوى الطلاق، وهو بعيد عن شبه الانشاء. ولو قال: طلقت فلانة؟ فقال: نعم، قال الشيخ: لا يقع، وفيه إشكال ينشأ من وقوعه عند سؤاله: هل طلقت امرأتك؟ فيقول: نعم.
ولا يقع الطلاق بالكناية ولا بغير العربية مع القدرة على التلفظ باللفظة المخصوصة ولا بالإشارة إلا مع العجز عن النطق. ويقع طلاق الأخرس بالإشارة الدالة، وفي رواية يلقي عليها القناع فيكون ذلك طلاقا وهي شاذة. ولا يقع الطلاق بالكتابة من الحاضر وهو قادر على التلفظ، نعم لو عجز عن النطق فكتب ناويا به الطلاق صح، وقيل: يقع بالكتابة إذا كان غائبا عن الزوجة، وليس بمعتمد.
ولو قال: هذه خلية أو بريئة أو حبلك على غاربك أو الحقي بأهلك أو بائن أو حرام أو بتة أو بتلة، لم يكن شيئا نوى الطلاق أو لم ينوه. ولو قال: اعتدي، ونوى به الطلاق قيل:
يصح، وهي رواية الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع ومنعه كثير، وهو الأشبه. ولو خيرها وقصد الطلاق، فإن اختارته أو سكتت ولو لحظة فلا حكم، وإن اختارت نفسها في الحال قيل: يقع الفرقة بائنة، وقيل: يرع رجعية، وقيل: لا حكم له، وعليه الأكثر، ولو قيل: هل طلقت فلانة؟ فقال: نعم، وقع الطلاق، ولو قيل: هل فارقت أو خليت أو أبنت؟ فقال: نعم، لم يكن شيئا.
ويشترط في الصيغة تجريدها عن الشرط والصفة في قول مشهور لم أقف فيه على مخالف منا، ولو فسر الطلقة باثنتين أو ثلاث قيل: يبطل الطلاق، وقيل: يقع واحدة بقوله طالق ويلغى التفسير، وهو أشهر الروايتين، ولو كان المطلق مخالفا، يعتقد أثلاث لزمته. ولو قال: أنت طالق للسنة، صح إذا كانت طاهرة وكذا لو قال للبدعة، ولو قيل: لا يقع، كان حسنا لأن البدعي لا يقع عندنا والآخر غير مراد.