على الحول يثبت بالوصية والنفقة، فإن امتنع الورثة من ذلك كان لها أن تتصرف في نفسها.
وأما حكم الوصية عندنا فباق لم ينسخ وإن كان على وجه الاستحباب، وحكي عن الحسن أنها منسوخة بآية الميراث فلا وصية لوارث، وهذا فاسد لأن آية الميراث لا تنافي الوصية فلا يجوز أن تكون ناسخة لها، فمن نصب وصية فالتقدير فليوصوا وصية والرفع أي فعليهم وصية أو لأزواجهم وصية وقيل: لا يجوز غير الرفع لأنه لا يمكن الوصية بعد الوفاة ولأن الفرض كان لهن وصوا أو لم يوصوا، قال الرماني: وهذا غلط لأن المعنى والذين تحضرهم الوفاة منكم، ولذلك قال تعالى: " يتوفون " على لفظ الحال الذي يتطاول.
وأما قوله: الفرض كان لهن وإن لم يوصوا، فقد قال قتادة والسدي: إنما كان لهن بالوصية، على أنه لو كان على ما زعم لم ينكر أن يوجبه الله على الورثة إن فرط الزوج في الوصية.
ومتاعا إلى الحول غير اخراج، كأنه قال: متعوهن متاعا في مساكنهن لا إخراجا، ويجوز أن تكون الإقامة في مساكنهن.
قال الحسن: فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف، دليل على سقوط النفقة والسكنى بالخروج لأنه إنما جعل لهن ذلك بالإقامة إلى الحول، فإن خرجن قبله بطل الحق الذي وجب بالإقامة، وإنما احتاج إلى هذا التخريج من يوجب النفقة للمعتدة عن الوفاة، فأما من قال: لا نفقة لها ولا سكنى فلا يحتاج إلى ذلك وهو مذهبنا، لأن المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها، فإن كانت حاملا أنفق عليها من نصيب ولدها الذي في بطنها.
وقد قدمنا أن الرجل إذا طلق زوجته قبل الدخول بها لم يكن عليها منه عدة وكذلك التي لم تبلغ المحيض ومثلها لا تحيض إذا طلقها وحد ذلك ما دون تسع السنين لم يكن عليها منه عدة وإن دخل بها، وكذلك إن كانت آيسة ومثلها لا تحيض فليس عليها منه عدة إذا طلقها وإن كانت مدخولا بها، والدليل على هاتين المسألتين من القرآن ما ذكرناه من قبل، ويمكن أن يستدل بقوله تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، الآية، على أن لا عدة على من لم يدخل بها وقد صرح تعالى بذلك في قوله: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها.