قالوا يعني لأجل ما قالوا وهذا أيضا حسن، وقال أحمد بن يحيى: معناه الذين يعودون لتحليل ما حرموه فقد عادوا فيه وهو في موضعه لا حاجة إلى تقديم وتأخير، والأقاويل كلها متقاربة لأن من عزم على غشيانها فقد عاد.
ثم بين تعالى كيفية الكفارة فقال: فتحرير رقبة، فإن أول ما يلزمه من الكفارة عتق رقبة والتحرير هو أن يجعل الرقبة المملوكة حرة بالعتق بأن يقول المالك: إنه حر، والرقبة ينبغي أن تكون مؤمنة أو في حكم المؤمن سواء كان ذكرا أو أنثى صغيرة أو كبيرة إذا كانت صحيحة الأعضاء فإن الاجماع واقع على أنه يقع الاجزاء بها.
وتحرير الرقبة واجب في الظهار المطلق قبل المجامعة أو في المشروط بغير الوطء كأن يقول: إن فعلت كذا فأنت علي كظهر أمي، فإذا فعله وجب عليه الكفارة أيضا قبل الوطء لقوله: فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا، أي من قبل أن يجامعها فيتماسا وهو قول ابن عباس وقال الحسن يكره للمظاهر أن يقبل والذي يقتضيه الظاهر أن لا يقربها بجماع ولا بمماسة شهوة.
فمن لم يجد الرقبة وعجز عنها فصيام شهرين متتابعين، والتتابع عند العلماء أن يوالي بين أيام الشهرين الهلاليين أو يصوم ستين يوما إن بدأ من نصف شهر ونحوه لا يفطر بينهما، فإن أفطر بعد أن صام شهرا ومن الثاني بعضه ولو يوما فقد أخطأ إلا أنه يبني، فإن أفطر قبله لعذر بنى أيضا وإن أفطر من غير عذر استأنف، فمن لم يقدر على الصوم فإطعام ستين مسكينا يعطي عندنا لكل مسكين نصف صاع، فإن لم يقدر أعطاه مدا.
وقال بعض المفسرين: التحرير واجب قبل المجامعة لنص القرآن في الظهار المطلق ولم يذكر الله في الطعام ولكن أجمعت الأمة على أنه قبل التماس، ويمكن أن يقال: إن الآية تدل على جميع ذلك لأن الثاني هاهنا بدل من الأول والثالث من الثاني، ومتى نوى بلفظ الظهار الطلاق لم يقع به طلاق، والإطعام لا يجوز إلا للمسكين.
قال الله تعالى: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور