المسألة الحادية والستون والمائة:
لا يقع الطلاق بغير السنة في أحد القولين هذا صحيح عندنا أن الطلاق لا يقع إلا على الوجه المسنون المشروع وهو أن يطلق زوجته طلقة واحدة في طهر لا جماع فيه والشهادة معتبرة في الطلاق وهذا معنى قولنا طلاق السنة فإن خالف في شئ لم يقع طلاقه ووافقنا باقي الفقهاء في أن الطلاق في الحيض أو في طهر فيه جماع بدعة. لكنهم ذهبوا إلى وقوعه فوافقنا مالك وأبو حنيفة على أن الطلاق الثلاث في حال، واحدة محرم إلا أنهما يذهبان إلى أنه يقع وقال الشافعي: الطلاق الثلاث غير محرم. دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد ذكره. وأيضا فإن وقوع الطلاق هو إثبات حكم شرعي وقد ثبت أن هذه الأحكام تحصل وتثبت عند وقوع الطلاق على وجه السنة فمن ادعى ثبوتها مع الطلاق البدعي فقد ادعى شرعا زائدا فعليه الدليل وأما الذي يدل على أن الطلاق الثلاث في الحال الواحدة بدعة وغير مسنون فهو قوله تعالى الطلاق مرتان. وظاهر هذا الكلام الخبر والمراد به الأمر لأنه لو لم يكن كذلك لكان كذبا فكأنه تعالى قال: فطلقوهن مرتين. ولو قال ذلك لم يجز إيقاع تطليقتين بكلمة واحدة، لأن جميعها في كلمة واحدة فلم يطلق مرتين. كما أن من أعطى درهمين دفعة واحدة فلم يعطهما مرتين، فإن قيل فهذا يقتضي إيقاع الطلقتين في طهر واحد فأنتم تأبون ذلك قلنا إذا ثبت وجوب تفريق الطلقتين فلا أحد يذهب إلى وجوب تفرقهما في طهرين وكذا وجب تفرقهما في طهر واحد. وأيضا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: كان الطلاق الثلاث على عهد النبي وأبي بكر وصدرا من أيام عمر