والمقطوع من الرواية أن النبي صلى الله عليه وآله أذن لجماعة أن يدخلوا مكة بغير احرام وأما وضعهم من جهة الاحرام فغير معلوم، هل كانوا قبل هذا محرمين، أو لم يكونوا كذلك، مضافا إلى ما يأتي من أن الحكم هل يختص بالطائفتين أو يعم كل خارج من مكة وراجع إليها.
ورواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج إلى جدة في الحاجة قال: يدخل مكة بغير احرام. (1) قد يستدل بالرواية لجواز دخول مكة بغير احرام لغير المحرم من قبل، بدعوى أن الراوي لم يسئل عن (كونه أي الداخل مكة)، محرما فيكون عاما يشمل المحرم من قبل وغيره، والمتمتع وغيره فيوافق قول صاحب المدارك حيث اختار العموم، ولا يخفى كونها مطلقة بالنسبة إلى الرجوع قبل شهر أو بعده.
يمكن أن يقال إنها منصرفة إلى من دخل مكة معتمرا بالعمرة إلى الحج ولا يشمل غيره ولكن الظاهر أنها غير منصرفة إليه بل تشمل كل من خرج من مكة ورجع إليها إلا أنه لم يعلم بها بهذا لعموم.
ورواية ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم قال إن رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير احرام فإن دخل في غيره دخل باحرام. (2) وهذه الرواية قيد فيها عدم وجوب الاحرام بالرجوع في الشهر الذي خرج فيه، ولكن الرواية السابقة خالية عن هذا القيد ولعل الظاهر من السؤال فيها أيضا الرجوع قبل الشهر إلا أنه لم يصرح فيها بكونه أي الخارج من مكة محرما من قبل، فيكون مفادهما إن كل من خرج من مكة ورجع قبل شهر يدخل محلا ويخصص به العام الذي تدل على وجوب الاحرام، وأما من رجع بعد الشهر أو دخل مكة من الخارج يدخل محرما إذا لم يكن العام معرضا عنه كما أشير إليه.