أراد بهذا اكرام أخيه إنما كان ذلك ما كان لله عز وجل فيه معصية (1) ويمكن أن يستدل بما روي عن زيد الشحام في معنى الجدال عن أبي عبد الله في حديث قال: والجدال هو قول الرجل لا والله وبلى والله وسباب الرجل (2) إذ يعلم منه أن الحلف و القسم في الجدال ما يقع في الخصومة كما هو المرتكز في ذهن الناس ويستأنس له من قوله عليه السلام سباب الرجل لأن ذكر هذه الجملة بعد لا والله وبلى والله إنما هو لبيان أن الخصومة ما يوجب الجدال والسب و القسم والتأكيد لا أن نفس القسم جدال وخرج منه ما كان في اكرام الأخ بل مفهوم الخصومة مما يوجد في جميع موارد الجدال ويعتبر فيه كما أن نفس الخصومة بدون لا والله وبلى والله لا يكفي في تحقق الجدال قد يقال إن الروايات الدالة على أن الجدال هو قول الرجل لا والله وبلى والله مطلقة لا قيد فيها من الخصومة أو غيرها إلا أنه خرج من عموم القسم ما يقال في اكرام المؤمن والمحبة له كما نقل عن صاحب المستند.
وفيه أن جميع الروايات واردة في تفسير الآية المباركة والجدال المذكور فيها وأن الجدال ما كان مقرونا بالقسم لا أن القسم وحده هو المراد من الجدال من غير دخل للخصومة فيه التي يتبادر إلى الذهن منه وإن أنكرت الظهور في الخصومة فلا أقل من احتفافها بما يصلح للقرينية الذي يشترط القطع بعدم وجوده في الأخذ بالاطلاق في كل مقام فإن السؤال عن الجدال المذكور في الآية وجوابه عليه السلام:
قول الرجل لا والله وبلى والله صالح لأن يكون قرينة لإرادة القسم الخاص والنوع المخصوص من الجدال بعد ما يعرف الناس ويفهم منه مطلق الخصومة فلا يصح التمسك بالاطلاق لعدم تمامية مقدمات التمسك به ويستظهر ذلك من رواية أبي بصير