ورواية أخرى من علي بن جعفر قال سألته عن رجل ترك الاحرام حتى انتهى إلى الحرم فأحرم قبل أن يدخله قال: إن كان فعل ذلك جاهلا فليبن مكانه ليقضي فإن ذلك يجزيه إن شاء الله وإن رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنه أفضل. (1) وفرق بين الجاهل والعامد في الرواية في وجوب الرجوع إلى الميقات و عدمه وأجيز للجاهل أن يحرم من مكانه دون العامد كما هو مقتضى المفهوم ولكنه يعارضها ما يدل على وجوب الرجوع إلى الميقات على الناسي والجاهل إذا كان متمكنا منه كما في روايتي زرارة ومعاوية بن عمار المتقدمتين وغيرهما.
فهل تحمل تلك الروايات على الأفضلية بشهادة ما ورد في ذيل رواية قرب الإسناد من قوله وإن رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنه أفضل، أو تقدم هذه الروايات على رواية قرب الإسناد من جهة السند والصدور مضافا إلى أن المرجع في المسألة بعد تعارض الروايات هي الأخبار الدالة على وجوب الاحرام من الميقات، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله، مع امكان أن يقال إن رواية قرب الإسناد معرض عنها، وإنما فتاوى الأصحاب مطابقة للأخبار الدالة على وجوب الرجوع إلى الميقات مع التمكن، إما ميقات الأهل أو غيرها من ساير المواقيت، على ما يظهر من بعض الروايات، هذا تمام الكلام في الناسي والجاهل، وأما العامد لترك الاحرام من الميقات فقد تقدم حكمه اجمالا ونشير إليه أيضا.
(في حكم العامد لترك الاحرام من الميقات) وأما من ترك الاحرام من الميقات عمدا فلم توجد فيه رواية تدل على كفاية الاحرام من غيرها صراحة، نعم قد يستظهر ذلك من اطلاق رواية الحلبي قال سألت أبا عبد الله عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم فقال: يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه الخبر (2)