لا يخفى أن المذكور في بعض الأخبار هو التمتع والعمرة التي يتمتع بها إلى الحج، لا مطلق الاحرام ولا كل من يخرج من مكة ويرجع إليها، بل المتمتع هو الذي استثني عن وجوب الاحرام لدخول مكة، إذا خرج من مكة ورجع إليها قبل شهر، بل يجب عليه أن يدخل محلا، لكونه مرتهنا بحجه، ولكن الكلام في أن ذكر التمتع إنما هو من باب أنه أحد المصاديق أو لخصوصية فيه، واختصاص الحكم به فلا بد من التأمل في أخبار الباب من جهتين.
الجهة الأولى في اختصاص الحكم بالمتمتع، أو شموله لكل عمرة.
والثانية أنه بعد عدم الاختصاص بالمتمتع والشمول لغيره هل يعم كل من خرج من مكة ورجع إليها قبل مضي الشهر وإن لم يكن أحرم قبل شهر بل كان قاطنا في مكة ولم يحرم أصلا.
قال بعض أصحابنا كل من دخل مكة معتمرا ثم خرج منها ورجع قبل الشهر يدخل محلا ولا يجب عليه الاحرام سواء كان معتمرا بعمرة التمتع أو غيره وأما جواز الاحرام فموكول إلى حكم الفصل بين العمرتين ومقداره.
ويظهر من الحدائق أيضا اعتبار تقدم الاحرام كما هو ظاهر كلام المحقق في الشرائع وحينئذ فقاطنوا مكة مثلا لو خرج منهم أحد إلى خارج الحرم وجب عليه الاحرام للدخول وإن عاد قبل مضي شهر بل في يومه، كما صرح بذلك في الحدائق على ما نقله صاحب الجواهر.
وعن المدارك إن الحكم لا يختص بالمعتمر ولا يعتبر تقدم الاحرام بل يشمل كل من خرج من مكة ورجع إليها قبل الشهر فإنه يدخل محلا وإن لم يعتمر ولم يحرم قبله.
وأما الروايات المذكورة فيها التمتع فحملها على مطلق الاحرام مشكل، فإنها تدل على أن العمرة المتمتع بها إلى الحج يجب أن لا يقع الفصل بينهما وبين الحج أكثر من شهر واحد وإن المعتمر يرتهن بحجه إلى شهر وإذا زاد عليه يدخل