كالعدم، فالمعنى أن ذبيحة المحرم ميتة حقيقة فحينئذ يترتب عليه جميع الآثار المترتبة على الميتة لكونه ميتة واقعا لا تنزيلا في الحكم والآثار ويشعر بذلك ما ورد أن الشخص لو اضطر إلى أكل الميتة أو الصيد فهل يقدم الميتة أو الصيد الذي ذبحه المحرم، أنه يقدم الميتة ويترك الصيد، فيعلم أن الصيد الذي ذبحه المحرم ميتة بل أشد حكما منها، لتضمنه المخالفة للشعائر العظيمة الاسلامية أيضا.
عن عبد الغفار الجازي، قال: " سألت أبا عبد الله عن المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها ووجد صيدا فقال: يأكل الميتة ويترك الصيد " (1).
عن إسحاق عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول إذا اضطر المحرم إلى الصيد وإلى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له (2).
ويعارضهما عدة روايات تدل على أن المحرم المضطر إلى أكل الميتة لو وجد صيدا يأكل منه، ولا يجوز له أكل الميتة، فلو عملنا بها، وحكمنا بأن الميتة حرام على المحرم المضطر إذا وجد صيدا وقدمنا تلك النصوص على ما تقدم مما تدل على كون صيدا المحرم ميتة، للزم القول بأن صيد المحرم مذكى، وليس بميتة، غاية الأمر يحرم أكله عند الاختيار دون الاضطرار، اعتمادا على تلك النصوص.
ولكن هذا الكلام أيضا غير تام، لأن تقديم الصيد على الميتة لا يستلزم كونه مذكى وغير ميتة إذ من المحتمل أن يكون الصيد أيضا ميتة لا مذكى إلا أنه أقل ضرر ومفسدة ومنقصة بخلاف الميتة التي ماتت حتف أنفها فيقدم الصيد عليها لوقوع فرى الأوداج عليه، وإن لم يكن مؤثرا في التذكية المعتبرة شرعا، فيدفع المضطر اضطراره ويسد جوعه بما هو أخف خطرا وأقل ضررا،