لدخول مكة يحب عليها أن ترجع إلى الميقات وتنشئ الاحرام منه للاتيان بالعمل الواجب عليها المشروط به الذي هو كالدين اللازم أدائه مع التمكن، هذا إذا تمكنت من الرجوع وأما إذا لم تتمكن من الرجوع لمانع من خوف أو لضيق الوقت فالاحرام من مكانها يحتاج إلى دليل خاص.
ثم إنه بناء على وجوب الرجوع إلى الميقات إذا تمكنت هل يجب عليها أن ترجع إلى ميقات أهلها أو يكفي الرجوع إلى بعض هذه المواقيت وسيجئ البحث في أن بعض الروايات في من ترك الاحرام من الميقات يدل على وجوب الرجوع إلى ميقات أهله وبعضها الآخر إلى مطلق المواقيت ويظهر من ثالث جواز الاحرام من مكانه ومن رابع الرجوع بقدر الامكان فالمهم نقلها والتأمل في فقهها والجمع بينها بعد التعرض لما استدل به الأصحاب في المسألة.
قد يستدل لعدم الاحرام من غير الميقات حتى عند عدم التمكن من الرجوع بعدم تحقق الامتثال وأنه لا يصح الاحرام من غير الميقات إذا تركه عمدا وقد يستدل لكفاية الاحرام من مكانه إذا تعذر الرجوع إلى الميقات بأن الضرورة تقتضي ذلك كما في دخول مكة بغير احرام حال القتال إذ الحائض التي تركت الاحرام من الميقات جهلا بالحكم ولا تتمكن من الرجوع إليه إذا حكم ببطلان حجها ووجوب القضاء عليها يكون حرجا عليها، ومشقة لها.
وفيه أن نفي الحرج إذا لم تقدر على الرجوع إنما يرفع وجوب الحج أو التوقف في مكة إلى السنة القابلة لأداء حجها ولا يرفع شرطية الاحرام أو كفايته من غير الوقت الذي وقتها رسول الله لمن يريد الحج فإن كفاية الاحرام من مكان التذكر أو من مكة يحتاج إلى دليل خاص حتى لو قلنا برفع وجوب الرجوع إلى الميقات للحرج كما في المسح على المرارة.
وتوضيح ذلك أن الإمام عليه السلام استدل في رفع وجوب المسح على البشرة بقوله تعالى: ما جعل الله عليكم في الدين من حرج، وعلم بذلك أن الحرج يرفع