(الأمر السابع) في مفهوم الصيد، وهو بحسب المفهوم العام عند العرف يشمل ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه منه. فقوله تعالى: (حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) (1) و (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) (2) يشمل السباع والوحوش والغزلان والطيور مما يؤكل لحمه وما لا يؤكل، يقال لمن صاد غزالا أو حمامة صاد، ولمن صاد أسدا أو ثعلبا أو خنزيرا صاد، إذا كان وحشيا بالذات، وإن صار أهليا بالعرض، وأما لو كان أهليا بالذات ثم صار وحشيا بالعرض فلا يصدق عليه الصيد، هذا هو المفهوم المتبادر من الصيد عند العرف، وأما الآية الكريمة المذكور فيها الصيد، فيمكن أن يقال إنه منصرف إلى ما يؤكل لحمه، بمناسبة الحكم والموضوع، إذ المستفاد منها أن الاحرام مانع عن الصيد وذبحه وأكله، بحيث أنه لولا الاحرام لم يكن مانع من أكله وكذا التقييد في قوله تعالى (ما دمتم حرما) فإن اختصاص الحرمة بحال الاحرام، يدل على انتهاء الحكم وارتفاع النهي بالاحلال فيجوز الصيد وأخذه وذبحه وأكله بعده، الذي كان محرما عليه قبله، ولا يستفاد الدوام والتأبيد، من الآية كما في قوله تعالى (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) (3) فسياق الآية في حكم الصيد يدل على أنه لو لم يكن الاحرام موجبا لحرمته والنهي عن الاستفادة منه كان أكله حلالا، وجائزا بالحكم الأولى المجعول من الشرع، والصيد الذي لا يؤكل لحمه في الشرع بل هو حرام بالجعل الأولى ليس كذلك إذ لو لم يأخذه المحرم حال احرامه لكان حراما أيضا وإن صاده في الحل، فالآية الكريمة منصرفة إلى مأكول اللحم من الصيد البري، ولا تشمل
(٢٧)