ورواية ابن بكير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه خرج إلى الربذة يشيع أبا جعفر عليه السلام ثم دخل مكة حلالا. (1) والرواية أيضا مطلقة إذ لم يصرح فيها بكونه عليه السلام محرما باحرام التمتع أو غيره أو لم يكن محرما أصلا إلا أنه لا يصح الاستدلال باطلاقها لعدم العلم بجهة فعل الإمام ووضعه عليه السلام.
يظهر من مجموع تلك الأخبار، إن وجوب الاحرام لدخول مكة إنما هو على من يدخلها من الخارج من مكة، وأما الذي خرج منها ورجع إليها قبل شهر لا يجب عليه الاحرام لدخولها، وكذا المستفاد من النصوص الواردة في العمرة المتمتع بها، إن تلك العمرة تكفي في الاتيان بالحج إذا لم يفصل بينهما شهر واحد، ولازم ذلك كفاية احرام واحد في تلك المدة لدخول مكة.
ولكن الفقهاء لم يعملوا باطلاق الطائفة الأولى من الأخبار ولم يفتوا بكفاية الخروج من مكة والرجوع إليها مطلقا ولو لم يكن أحرم من قبل أصلا في عدم وجوب الاحرام، بل المصرح في فتاويهم إن من كان محرما ودخل مكة وخرج منها ثم رجع إليها قبل مضي شهر يدخل محلا، ولا يجب عليه الاحرام.
قد يورد على فتاويهم قدس الله أسرارهم بأن مستندهم إن كان ما ورد في العمرة المتمتع بها إلى الحج وأنها تكفي وتجري إلى شهر واحد فهو مختص بها ولا يتعدى إلى محرم لغيرها كما لا تشمل غير محرم وإن كان المستند الأخبار المطلقة الدالة على كفاية نفس الخروج والرجوع قبل شهر يجب الحكم على عدم وجوب الاحرام على كل من خرج من مكة ورجع إليها قبل الشهر سواء كان أحرم قبل ذا أولا.
اللهم أن يقال إن المستند في فتاويهم الأخبار الواردة في التمتع مع الغاء الخصوصية عن المورد والالتزام بأن الملاك في المسألة هو الاحرام من قبل بما هو احرام، لكنه مشكل إذا لمتبادر منها إن الملاك ارتباط العمرة بالحج وإن المحرم