أما الآيات (فمنها) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) (1) وهي كما ترى تدل على حرمة تناول الصيد وأخذه وأنه حرام على المحرم، وأما حرمة أكل لحمه إذا ذبحه بعد الأخذ، أو ذبحه المحل وأكله المحرم فلا تستفاد منها ولو فرض دلالتها عليها، لأمكن القول أيضا بأن له أن يأكله بعد الاحلال، فالمتيقن من الآية حرمة التناول وأخذ الصيد حال الاحرام لا جميع ما أشير إليه على أنها بسياقها لا تشمل المحرم خاصة بخلاف الآيات التي بعدها و (منها) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة) (2) وهذه الآية تدل على حرمة قتل الصيد حال الاحرام كما أن الآية الأولى تدل على حرمة أخذه ويمكن أن يكون القيد المذكور في الآية الثانية قيدا للآية الأولى أيضا فتختص حرمة الأخذ بما يؤكل لحمه (3) وتوضيح ذلك أن الآية الأولى تدل على حرمة أخذ الصيد وقتله سواء كان مأكول اللحم أو غيره، والآية الثانية حيث إن النهي فيها مخصوص بحال الاحرام، ويرتفع بالاحلال ويحل جميع ما يتعلق بالصيد حال الاحلال يعلم أن هذا الحكم مخصوص بما يؤكل لحمه من الصيد وتتقيد الآية الأولى به أيضا ويمكن أن يقال أيضا إن المراد من الآيتين أن حرمة ما كان حلالا من الصيد قبل الاحرام من الأخذ والقتل والإشارة بالنسبة إلى مطلق الصيد ومن الأكل في صيد المأكول لحمه، جميع ذلك مختص بحال الاحرام فعلى هذا يبقى اطلاق الآية الأولى بحالها أيضا ولا يختص بما يؤكل لحمه وسيأتي التعرض لذلك إن شاء الله تعالى
(٦)