جعفر قال فلما أحرم عبد الله لبس إزارا ورداء ممشقين مصبوغين بطين المشق ثم أتى فنظر إليه عمر وهو يلبي وعليه الإزار والرداء وهو يسير إلى جنب على، فقال عمر من خلفهم ما هذه البدعة التي في الحرم فالتفت إليه علي عليه السلام فقال يا عمر:
لا ينبغي لأحد أن يعلمنا السنة فقال عمر صدقت وإليه يا أبا الحسن لا والله ما علمت أنكم هم الحديث (1).
والذي يستفاد من المحاورة بين الإمام علي عليه السلام وعمر بن الخطاب إن عمر كان يرى لبس الملون بدعة في حال الاحرام وإن المصبوغ لا يجوز لبسه فلما رد علي عليه السلام على عمر وقال إنه ممشوق أي مصبوغ بالطين سكت عمر ولم يقل شيئا وظاهر القضية إن عليا عليه السلام إنما خطاه في الموضوع لا في الحكم بمعنى أنه عليه السلام لم يقل إن لبس المصبوغ ليس ببدعة بل قال إن ما لبسه عبد الله بن جعفر مصبوغ بالطين لا بالعصفر والورس وغيره فيعلم أن الاحرام بالثوب المصبوغ ليس بجائز اللهم أن يقال إن اعتراض ابن الخطاب على عبد الله إنما كان لارتكابه المكروه إذ المتعارف عند الحجاج والمعمول بينهم أن الوافدين إلى الله ما كانوا يرتكبون مكروها بل كانوا مراقبين ومواظبين على تركه فلما رأى عمر أن رجلا ارتكب المكروه بلبس الثوب المصبوغ رآه بدعة وأمرا مستهجنا ومخالفا للسنة فاعترض عليه عمر ورده علي بن أبي طالب بأن ما لبسه عبد الله ممشوق أي مصبوغ بالطين لا بشئ من الألوان.
فهل معنى ذلك أن لبس الممشوق بالطين ليس بمكروه أصلا ولو كان الارتكاب لبيان الجواز كما في جواب علي عليه السلام لعثمان في التلبية والاحرام بالحج والعمرة معا كما تقدم في ج 1 ص 274 مع أن عبد الله أيضا لم يكن مكلفا (2)