وغيرهما من الروايات الظاهرة أو الصريحة في وجوب الارغام لولا اعراض المشهور عنها وافتاء الفقهاء بالاستحباب وكلما قويت تلك الروايات ازدادت ضعفا لاعراض الأصحاب عنها بحيث لا يتمكن أحد من الافتاء على ظاهرها، إلا من كان جسورا في الفتوى، فإن تخطئتهم في فهم ظاهر تلك الروايات بعيد غايته، مع كونهم أقرب إلى زمان صدورها وأعرف بالأدبيات وغيرها وأتقى في التعبد بالشرع ثم إنه لا مجال للتمسك بقاعدة التسامح في أدلة السنن في اثبات الكراهة في الاحرام بالثوب الأسود، لاختصاصها بالمستحبات ولا يمكن ولا يصح تسريتها إلى المكروهات كما يشهد عليه قوله عليه السلام من بلغه شئ من الثواب.
نعم العلماء في طريقتهم في استنباط الأحكام الشرعية لشدة الاعتناء بالحرمة والوجوب يلتزمون بوجود دليل معتبر قطعي يدل عليهما ولا يتسامحون في ذلك ولكنهم بالنسبة إلى الندب والكراهة لا يتعبدون بهذه الدقة بل قد يتسامحون فيما يدل عليهما، حتى لو ثبت الاعراض عن الرواية من جهة السند، إذا لحكم بالمرجوحية والكراهة في شئ حيث إنه لا الزام فيه بل يجوز الارتكاب والترك لا يحتاج إلى الاهتمام التام، والدقة الكاملة في المقام، فعلى هذا طرح شرط في رواية من شرائط الحجية، أولى من طرحها رأسا وكلا، مضافا إلى أن القول بالكراهة في رواية الحسين بن مختار يوجب الجمع بين الروايات ولا يلزم التخصيص في العمومات أيضا، فإن رواية حريز عن أبي عبد الله عليه السلام تدل على جواز الاحرام في كل ما يجوز الصلاة فيه قال عليه السلام كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه (1) فهذه الرواية تدل على عدم البأس بالاحرام في كل ثوب أبيض أو أسود أو غيره وعدم البأس يجتمع مع الكراهة والإباحة والندب فلو حملت رواية الحسين بن مختار على الكراهة ولم تطرح من الأصل لحصل الجمع بينهما ويرتفع التعارض