الوجوب، بغير خلاف في عرف الشريعة وقال في مبسوطه مصرحا: والواجب عليه، أن يرمي ثلاثة أيام التشريق، الثاني من النحر، والثالث والرابع، كل يوم بإحدى وعشرين حصاة، ثلاث جمار، كل جمرة منها، بسبع حصيات وإلى الوجوب يذهب في مسائل الخلاف، ويلوح به، ويدل عليه.
ثم الأخبار التي أوردها في تهذيب الأحكام (1) متناصرة بالوجوب، عامة الألفاظ، وكذلك الأخبار المتواترة دالة على الوجوب، ثم فعل الرسول والأئمة عليهم السلام يدل على ما اخترناه، وشرحناه، لأن الحج في القرآن مجمل، وفعله عليه السلام، إذا كان بيانا المجمل، جرى مجرى قوله، والبيان في حكم المبين، ولا خلاف أنه عليه السلام، رمى الجمار، وقال: خذوا عني مناسككم، فقد أمرنا بالأخذ، والأمر يقتضي الوجوب عندنا، والفور، دون التراخي.
وأيضا دليل الاحتياط يقتضيه، لأنه لا خلاف بين الأمة، أن من رمى الجمار، برئت ذمته من جميع أفعال الحج، والخلاف حاصل إذا لم يرم الجمار.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في استبصاره، في كتاب الحج، في باب من نسي رمي الجمر حتى يأتي مكة، أورد أخبارنا تتضمن الرجوع، والأمر بالرمي، ثم أورد خبرا عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام، رجل نسي رمي الجمار، قال: يرجع ويرميها، قلت: فإنه نسيها أو جهلها حتى فإنه وخرج، قال: ليس عليه أن يعيد.
فقال شيخنا: قال محمد بن الحسن، يعني نفسه، قوله عليه السلام، ليس عليه أن يعيد، معناه ليس عليه أن يعيد في هذه السنة، وإن كان يجب عليه إعادته في السنة المقبلة، إما بنفسه مع التمكن، أو يأمر من ينوب عنه، وإنما كان كذلك، لأن أيام الرمي، هي أيام التشريق، فإذا فاتته، لم يلزمه شئ،