والتحصيب يستحب لمن نفر في النفر الثاني، دون الأول على ما قدمناه، وقال شيخنا في مبسوطه: وليلة الرابع، وليلة التحصيب (1) فإن أراد رحمه الله، الرابع من يوم النحر، فصحيح، وإن أراد الرابع عشر، فغير واضح، لأن التحصيب، لا يكون إلا لمن نفر في الأخير، والنفر الأخير، بلا خلاف من الأمة، هو اليوم الثالث عشر، من ذي الحجة، فإن كان ممن أصاب النساء، في إحرامه، أو صيدا، لم يجز له أن ينفر في النفر الأول، ويجب عليه المقام إلى النفر الأخير.
وإن أراد أن ينفر في النفر الأول، فلا ينفر إلا بعد الزوال، إلا أن تدعوه ضرورة إليه، من خوف، وغيره، فإنه لا بأس أن ينفر قبل الزوال، وله أن ينفر ما بينه وبين الزوال، وما بينه وبين غروب الشمس، فإذا غابت الشمس لم يجز له النفر وليبت بمنى إلى الغد.
وإذا نفر في النفر الأخير، جاز له أن ينفر من بعد طلوع الشمس، أي وقت شاء، فإن لم ينفر، وأراد المقام بمنى، جاز له ذلك، إلا الإمام خاصة، فإن عليه أن يصلي الظهر بمكة.
ومن نفر من منى، وكان قد قضى مناسكه كلها، جاز له أن لا يدخل مكة، وإن كان قد بقي عليه شئ من المناسك، فلا بد له من الرجوع إليها، والأفضل على كل حال، الرجوع لتوديع البيت، وطواف الوداع.
ويستحب أن يصلي الإنسان بمسجد منى، وهو مسجد الخيف، والخيف سفح الجبل، لأن كل سفح جبل عند أهل اللسان، يسمى خيفا، فلما كان هذا المسجد في سفح الجبل، سمي مسجد الخيف، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله، يسجد عند المنارة، التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة، نحوا من