الوسط إذ كونه سوادا ضعيفا انما يتحصل إذا قيس إلى سواد أشد لكن إذا قيس اليه كان ذلك سوادا بالنسبة إلى هذا وهذا لا يكون سوادا بالنسبة اليه بل بياضا لا فرق بينه وبين بياض الطرف في هذه الملاحظة وكذا حكم أوساط البياض فثبت ان التضاد الحقيقي كما يوجد بين الأطراف يوجد بين الأوساط فان لها جهتي الاختلاف والتوافق والتقابل انما هو باعتبار الأول فلا يزيد في التقابل قسم خامس.
هذا خلاصه ما ذكره بعض اجله المتأخرين وهو لا يستقيم (1) على ما اخترناه من طريقه اسلاف الحكماء في الأشد والأضعف.
ويرد عليه أيضا ان لكل شئ ماهية متحصله في ذاتها لا بالقياس إلى ما عداها اللهم الا ان يكون مضافا حقيقيا يقترن مع تعقله ووجوده تعقل شئ آخر ووجوده ولا شك ان الألوان من مقولة الكيف لا من مقولة المضاف فلكل منها ماهية متحصله لا بالقياس إلى غيره والتضاد من الأمور التي تعرض للمتضادين بحسب ذاتيهما لا بمقايسة أحدهما للاخر ولا لغيرهما وإن كان مفهوم التضاد من جزئيات الإضافة فالمقابلة بين الحمرة والصفرة مع قطع النظر عن قياسهما إلى الأطراف ثابته جزما وليست من اقسامهما شيئا الا التضاد.
مخلص فالحق ان يقال في وجه التفصي عن هذا الاشكال اما عن قبل المشائين فبان التضاد انما ثبت بالذات بين طبيعتي السواد والبياض مع قطع النظر عن خصوصيات الافراد فكل مرتبه من مراتب السواد يضاد لكل مرتبه من مراتب البياض باعتبار اشتمال هذه على طبيعة أحد الضدين وتلك على طبيعة الضد الاخر لا باعتبار الخصوصيات فالتضاد بين الوسطين كالحمره