الجنود والقوى المختلفة الراكبة عليها على استرجاع الريح بعد ذهابها بحيله تعملونها أو صنعه يصنعونها كذلك الروح ونفخه ليس من جوهر الجسد ولا الجسد حامل الروح ولا يقدر أحد من القوى والكيفيات المزاجية على استرجاع النفس إذا فارقت الجسد فهذا مثال ان حياه البدن وحركته تابعتان للنفس لا النفس تابعه لهما ولهذا بطل مذهب التناسخ الذي عبارة عن استرجاع النفس ونقلها إلى البدن بعد ذهابها عنه تارة أخرى من جهة صلوح مزاجه واستعداد مادته لان المزاج تابع للنفس كما سبق من أنها الحافظة للمزاج الجامعة لاجزاء البدن الجابرة لعناصره على الالتيام لا النفس تابعه له ولعناصره.
واما الفرق بين الاجل الطبيعي والاخترامي في مثال السفينة هو انك إذا علمت أن هلاك السفينة بما هي سفينة من جهتين اما بفساد من جهة جرمها أو انحلال تركيبها فيدخلها الماء ويغرق ويهلك من فيها ان غفلوا عنها ولم يتداركوا باصلاح حالها كهلاك الجسد وقواه من جهة غلبه إحدى الطبائع من تهاون صاحبه به وغفلته عنه فلا تبقى النفس معه إذا فسد مزاجه وتعطل نظامه وتعوجت نسبته وانحرفت عن الاعتدال وضعفت آلته كما لا يبقى الريح للسفينة بسب اختلال آلتها والريح موجودة في هبوبها غير معدومة في الموضع الذي كانت قبل هلاك السفينة فتلك النفس باقية في معدنها كبقاء الريح في أفقها وعالمها بعد تلف الجسم واما الجهة الثانية وهي بان يكون هلاك السفينة بقوة الريح العاصفة الهابة الواردة منها على السفينة ما ليس في وسعها ووسع آلاتها حمله فتضعف الاله وتكسر الأداة لضيق طاعتها عن حمل ما يرد عليها كذلك النفس إذا قويت جوهرها واشتدت حرارتها الغريزية المنبعثة عنها إلى البدن ضعف البدن عن حملها وانحل تركيبه وجفت آلاته وفنيت رطوباته لاستيلاء الحرارة فان التحقيق عندنا ان الحرارة الغريزية في المشائخ أكثر وأشد من حراره الشبان وانما لم يظهر اثرها فيهم لقلة الحامل وذبول المادة عكس ما هو المشهور من أن حرارتهم أقل من حراره الشبان وكذا منشأ عروض الموت الطبيعي غلبه الحرارة بالذات الموجبة لافناء الرطوبة المؤدى إلى فناء الحرارة عن البدن بالعرض فيقع الموت ضرورة فعروض