الموجودات ذكروا وجوها غير سديده في حكمه الموت وفي ما بيناه يظهر المناسبة في اطلاق لفظ الطبيعي على هذا الموت دون ما ذكروه وقد سبق أيضا ان الذي بيناه لا ينافي الشقاوة الثابتة لطائفه من النفوس وتعذبهم في الآخرة بالجحيم والنيران وغضب الرحمان وسائر ما سيجري عليهم جزاءا لاعمالهم وتبعات لأفعالهم ونتائج لأخلاقهم وملكاتهم السيئة واعتقاداتهم الردية الفاسدة كما سينكشف لك زيادة الانكشاف وإذا تحقق ما ذكرناه في الموت الطبيعي وان منشأه توجه جبلي إلى جانب الآخرة والقرب من الله تعالى ظهر وتبين بطلان التناسخ مطلقا بجميع أقسامه واستحاله تعلق النفس بعد موت بدنها العنصري سواءا كان بالأجل الطبيعي أو بغيره ببدن طبيعي آخر وانتقالها من بدن إلى آخر إذ لو انتقلت من بدن وتعلقت باخر لكان تعلقها به عند أول تكونه حين كونه نطفة حيوان أو جنين في رحم كما اعترفوا به فيلزم على ما أصلناه من البيان الخلف من عدم التطابق التعاكسي بين مراتب استكمالات النفس والبدن على الوجه المذكور تذكره فيها تبصره اعلم أيها السالك إلى الله الراغب إلى دار كرامته بقوة الحدس انك قاصد إلى ربك صاعد إليه منذ يوم خلقت نطفة في قرار مكين وربطت بها نفسك تنقل من أدون حال إلى حال أكمل ومن مرتبه هي انقص إلى مرتبه هي أعلى واحكم والى درجه هي ارفع وأشرف إلى أن تلقى ربك وتشاهده ويوفيك حسابك ويوزن حسناتك أو سيئاتك فتبقى عنده اما فرحانة مسرورة مخلدة ابدا سرمدا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا واما محزونة متألمة خاسرة معذبة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة مع الكفرة والشياطين والفجرة والمنافقين فبئس القرين ونحن قد بينا من قبل ان جميع الموجودات التي في هذا العالم في السلوك إلى الله تعالى وهم لا يشعرون لغلظه حجابهم وتراكم ظلماتهم لكن هذه حركه الذاتية وهذا السير إلى الله تعالى في الانسان أبين وأظهر سيما في الانسان الكامل الذي يقطع تمام هذه القوس الصعودية التي كنصف دائرة من الخلق إلى الحق كما يعرفه أهل الكشف والشهود من العلماء الذين لم تعم أبصارهم الباطنية
(٥٣)