واما ابطال ما ذهب إليه طائفة أخرى غير هؤلاء في هذا الباب فنحن ذاكروه وهو ضربان آخران.
أحدهما ما نسب إلى المشرقيين ان أول منزل للنور الاسفهبد الصيصية الانسانية ويسمونها باب الأبواب لحياه جميع الأبدان الحيوانية والنباتية وهذا هو رأى يوذاسف التناسخي القائل بالأكوار والأدوار وهو الذي حكم بان الطوفان النوحي يقع في (1) أرضها وحذر بذلك قومه وقيل هو الذي شرع دين الصابئية لطهمورث الملك فقالوا ان الكاملين من السعداء تتصل نفوسهم بعد المفارقة بالعالم العقلي والملا الاعلى وتنال من السعادة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واما غير الكاملين من السعداء كالمتوسطين منهم والناقصين في الغاية والأشقياء على طبقاتهم فتنتقل نفوسهم من هذا البدن إلى تدبير بدن آخر على اختلافهم في جهة النقل حيث اقتصر بعضهم على تجويز النقل إلى تدبير بدن آخر من النوع الانساني لا إلى غيره وبعضهم جوز ذلك ولكن اشترط ان يكون إلى بدن حيواني وبعضهم جوز النقل من البدن الانساني إلى البدن النباتي أيضا وبعضهم إلى الجماد أيضا واليه ميل اخوان الصفا.
وثانيهما مذهب القائلين بالنقل من جهة الصعود فزعموا أن الأولى بقبول الفيض الجديد هو النبات لا غير وان المزاج الانساني يستدعى نفسا أشرف وهي التي جاوزت الدرجات النباتية والحيوانية فكل نفس انما يفيض على النبات فتنتقل في أنواعه المتفاوتة المراتب من الأنقص إلى الأكمل حتى تنتهي إلى المرتبة المتاخمة (2) لأدنى مرتبه من الحيوان كالنحل ثم ينتقل إلى المرتبة الأدنى من الحيوان كالدود مترقية منها إلى الاعلى فالأعلى حتى تصعد إلى رتبه الانسان متخلصة إليها من المرتبة المتاخمة لها.
ولنذكر حججا على ابطال هذين المذهبين بعضها عامه يبطل بها التناسخ مطلقا