شئ واليه ترجعون فصل في أن أي الأجسام يحشر في الآخرة وأيها لا يحشر اعلم أن الأرواح ما دامت أرواحا لا تخلو عن تدبير أجسام لها والأجسام المتصرفة فيها قسمان قسم يتصرف فيها النفوس تصرفا أوليا ذاتيا من غير واسطه وقسم يتصرف فيها النفوس تصرفا ثانويا تدبيريا بواسطة جسم آخر قبله والقسم الأول ليس محسوسا بهذه الحواس الظاهرة لأنه غائب عنها لأنها انما تحس بالأجسام التي هي من جنس ما يحملها من هذه الأجرام التي هي كالقشور ويؤثر فيها سواء كانت بسيطه كالماء والهواء وغيرهما أو مركبه كالحيوان والنبات وغيرهما سواء كانت لطيفه كالأرواح البخارية أو كثيفة كهذه الأبدان اللحمية الحيوانية والأجساد النباتية فان جميعها ليست مما يستعملها النفوس ويتصرف فيها الا بالواسطة واما القسم الأول المتصرف فيه فهو من الأجسام النورية الحية بحياة ذاتية غير قابله للموت.
وهي أعلى رتبه من هذه الأجسام المشفة التي توجد هاهنا ومن التي تسمى بالروح الحيواني فإنها من الدنيا وان كانت شريفة لطيفه بالإضافة إلى غيرها ولهذا تستحيل وتضمحل سريعا ولا يمكن حشرها إلى الآخرة والذي كلامنا فيه من أجسام الآخرة وهي تحشر مع النفوس وتتحد معها وتبقى ببقائها واما البرازخ العلوية فالتي في نهاية العلو في هذا العالم الذي يقال لها سدره المنتهى فهي كأنها عين الصورة بلا مادة فحكمها يشبه ان يكون كحكم الأجسام الخيالية وتصرف النفوس فيها كتصرف النفوس في تلك الأجسام واما التي دونها فهي كالأرواح الدماغية لنا لأنها بمنزله خيال العالم الكبير وقد صرح بعض أئمة الكشف ان الأجسام النورية الفلكية لا خيال لها بل هي عين الخيال وكما لا يخلو خيال الانسان عن صوره كذلك لا يخلو ذات الملك عن صوره وصوره الفلك لذات (1) الملك كقوة الخيال لذات الانسان وهذه الزرقة