واحده ومبدء واحد يتشعب منه كل مبدأ وتنبجس منه كل مؤثر واثر وكذا من شاهد حشر جميع القوى الانسانية مدركها ومحركها مع تباينها وتباين مواضعها عددا وشخصا وتخالف ماهياتها نوعا وحقيقة إلى ذات واحده بسيطه روحانية ورجوعها إليها واستهلاكها فيها ثم انبعاثها منها في الآخرة على نحو آخر أفضل وارفع مما كانت عليه أولا في الدنيا هان عليه التصديق برجوع الخلائق كلها إلى الحق تعالى ثم وجودها وانتشاؤها منه تارة أخرى على وجه أكمل وارفع من النشأة الأولى فكما ان الروح الانساني منه انبساط أشعة القوى والمشاعر على مواضع البدن واليه رجوع أنوارها من محابس مظاهرها بالموت ثم انبعاثها عنه في الآخرة تارة أخرى على نحو آخر فكذلك القياس في تكون هذا العالم وموجوداتها من السماوات والأرض وما بينهما وما فيها ثم رجوع الكل إليه بطي السماوات وانتثار الكواكب واندكاك الجبال وقبض الأرض وما فيها وموت الخلائق ونزع أرواحها وقبض نفوسها وفناء كل من عليها كما قال تعالى يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنه مما تعدون فإذا رجع إليه الكل استأنف لها الوجود تارة أخرى على وجه تقوم قياما يبقى ابدا من غير فناء ولا زوال قال تعالى كما بدانا أول خلق نعيده وعدا علينا ان كنا فاعلين ومن لم يذق هذا الشهد سواء كان من العلماء الناظرين غير الواصلين أو من المغرورين بعقولهم الناقصة العادية أو من المحجوبين العاكفين على باب الصور الظاهرة والأصنام فليصدق الأنبياء والأولياء فيما قالوه ويؤمن به ايمانا بالغيب كايمان الأعمى بما يقوله ويهديه قائده ولا ينكر شيئا منه نعوذ بالله من ضعف الايمان باليوم الاخر والجحود لما أنبأ به أهل الانباء ع من النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون وعنه معرضون بل هم بلقاء ربهم كافرون وقد تحقق بالبرهان وانكشف بلوامع آيات القرآن وبطلوع شمس العرفان من أفق البيان ان أعيان العالم متبدلة دائما وهوياتها وتشخصاتها متزايلة وطبائعها متجددة كل آن كما قال تعالى بل هم في لبس من خلق جديد وقوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وهو سبحانه غاية هذه الحركات والتبدلات ولله ميراث السماوات والأرض الا إلى الله تصير الأمور فسبحان الذي بيده ملكوت كل
(٢٨٠)