بالبدن لا باجزاء مادية كما زعمه جمع من المتأخرين لما مر بطلانه غير مره بل بجمله بدنه من حيث صورته وهياه هيكله الباقية في ذكره فان النفس إذا فارقت البدن وحملت القوة (1) الوهمية المدركة للمعاني الجزئية بذاتها وللصور الجسمانية باستخدام الخيال وقد علمت من طريقنا استقلال القوة الخيالية في الوجود وانها باقية بعد البدن وانما حاجتها إلى هذا البدن الكائن المادي في الابتداء لا في البقاء فهي عند المفارقة مدركه للجزئيات والماديات بصورهما كما كانت مدركه في الدنيا فإذا مات الانسان فيتخيل ذاتها مفارقه عن الدنيا ويتوهم عين الانسان الميت والمقبور الذي مات على صورته وتجد بدنها في القبر وتدرك الآلام الواصلة إليه على سبيل العقوبات الحسية على ما وردت به الشرائع الحقه فهذا عذاب القبر وان كانت سعيدة تخيلت الموائد الشرعية على صوره ملائمة على وفق ما كانت تعتقده من الجنات والأنهار والحدائق والولدان والحور العين والكاس من المعين فهذا ثواب القبر كما قال صلى الله عليه وآله وسلم القبر اما روضه من رياض الجنة أو حفره من حفر النيران فالقبر الحقيقي هذه (2) الهيئات وعذاب القبر وثوابه ما ذكرناه والبعث عبارة عن خروج النفس عن غبار هذه الهيئات كما يخرج الجنين من القرار المكين والفرق بين حاله القبر وحاله البعث كالفرق بين حالتي الانسان في الرحم وعند الخروج منه فان حاله القبر أنموذج من أحوال القيامة فان الانسان لكونه (3) قريب العهد
(٢١٩)