الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
نشأة ثانية وكذا النفس إذا استكملت وصارت عقلا بالفعل ليس بان يسلب (1) عنها بعض قواها كالحساسة ويبقى البعض كالعاقلة بل كلما تستكمل وترتفع ذاتها كذلك تستكمل وترتفع سائر القوى معها الا انه كلما ارتفع الوجود للشئ صارت الكثرة والتفرقة فيه أقل واضعف والوحدة والجمعية فيه أشد وأقوى.
ويؤيد ما ذكرناه قول هذا الفيلسوف بعد الكلام الذي نقلناه فقد بان ان الانسان الأول حساس الا انه بنوع أعلى وأفضل من الحس الكائن في الانسان السفلى وان الانسان السفلى انما ينال الحس من الانسان الكائن في العالم الاعلى العقلي كما بيناه وأوضحناه فانا بينا كيف يكون الحس في الانسان وكيف لا تستفيد الأشياء العالية من الأشياء السفلية بل هي المستفيدة من الأشياء العالية لأنها متعلقه بها فلذلك صارت هذه الأشياء متشبثة بتلك الأشياء في جميع حالاتها وان قوى هذا الانسان انما هي مستفادة من الانسان العالي وانها متصلة بتلك القوى غير أن لقوى هذا الانسان محسوسات غير محسوسات قوى انسان العالم الاعلى وليست تلك المحسوسات أجساما ولا ذلك الانسان يحس ويبصر مثل هذا الانسان (2) لان تلك المحسوسات وذلك البصر خلاف

(1) فان الترقيات الطولية تغيرات استكمالية والاستكمال في الطول ليس بالخلع واللبس كما في الانقلاب الا خلع النقص والحد بل للتالي كمال المتلو مع شئ زائد فهو لبس ثم لبس فالقوى التي في الانسان الطبيعي كلها في الانسان النفساني بأضعافها وفي الانسان العقلي باضعاف أضعافها كما مر الا انها بنحو جميع لكونه في عالم الجمع ويد الله مع الجماعة س ره (2) لان الانسان الطبيعي يحس بالآلات والانسان العقلي لتماميته وغنائه يحس بذاته وعلمه الحضوري يرجع إلى سمعه وبصره ولأن الانسان الطبيعي إذا أحس بشئ وناله زوى عنه الاخر والعقلي لا يشغله شان عن شان يحس الشئ مع المحسوسات الأخرى كما قال ذلك أكثر نيلا للأشياء وانه يبصر الكليات وكما قال بعض الحكماء الأول تعالى يعلم الجزئي على وجه كلي أي يعلم الجزئي مع كل الجزئيات الأخرى دفعه واحده سرمدية ولأنه لما كان علم الانسان العقلي حضوريا وقع بصره وهو علمه الشهودي على أشياء أكرم وأشرف وهي المجردات فهو يبصر بابصار واحد جميع ما في عالم العقول وجميع ما في عالمي المثال والطبيعة من المبصرات وابصار ما دونه ابصاره أيضا وقس عليه س ره
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست