الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٦
ذكر تنبيهي وتعقيب تحصيلي ان رهطا من القوم قد جوزا كون الصفات عدمية مع اتصاف الموصوفات بها في نفس الامر وبين بعض أجلتهم ذلك بقوله ان معنى الاتصاف في نفس الامر أو في الخارج هو ان يكون الموصوف بحسب وجوده في أحدهما بحيث يكون مطابق حمل تلك الصفة عليه وهو مصداقه ولا شك ان هذا المعنى يقتضى وجود ذلك الموصوف في ظرف الاتصاف إذ لو لم يوجد فيه لم يكن هو من حيث ذلك الوجود مطابق الحكم ولا يقتضى وجود الصفة فيه بل يكفي كون الموصوف في ذلك النحو من الوجود بحيث لولا حظه العقل صح له انتزاع تلك الصفة عنه وقس على ما ذكرناه الحال في الاتصاف الذهني فان مصداق الحكم بكليه الانسان هو وجوده في الذهن على وجه خاص يصير مبدء ا لانتزاع العقل الكلية منه ثم الحمل عليه اشتقاقا فمعنى كون الخارج أو الذهن ظرفا للاتصاف هو ان يكون وجود الموصوف في أحدهما منشئا لصحة انتزاع العقل ذلك الاتصاف عنه انتهى كلامه (1) وفيه محل انظار كما لا يخفى.
والحق (2) ان الاتصاف نسبه بين شيئين متغائرين بحسب الوجود في ظرف

(١) أحدها قلب الدليل الذي ذكره كما سيقول المصنف قده وثانيها انه من باب اخذ المطلوب في بيان نفسه فان هذا معنى الاتصاف عندكم واما عند خصمكم فمعناه ان يكون الموصوف بحسب وجوده في ظرف الاتصاف وبضميمة الصفة مطابق حمل تلك الصفة ولا شك ان هذا المعنى يقتضى وجودهما جميعا وثالثها انه لا يبقى حينئذ فرق بين القضايا الصادقة والكاذبة فان قولنا زيد أب صادق ولا وجود للأبوة في زيد فليصدق الجدار أب أيضا ورابعها انه لا يبقى فرق بين العرضي والذاتي وقد كتبنا سابقا ما يتعلق بالمقام فتذكر س ره (٢) هذا القول عندي ليس بحق إذ ينهدم حينئذ كثير من القواعد الحكمية بل لا يفتى نفسه قده بهذا في كثير من المواضع وانهدام القواعد مثل ان ثبوت الشئ للشئ فرع ثبوت المثبت له لا فرع ثبوت الثابت لمكان العدميات المحمولة ومثل ان الإضافة لا وجود لها والا فاما لها وجود استقلالي جوهري وهو ظاهر البطلان واما وجود عرضي مثل البياض والسواد فيعرضها الحلول في الموضوع والحلول اضافه والمفروض ان الإضافة موجود متأصل فيعرض الحلول حلول آخر وهلم جرا فيتسلسل بخلاف ما إذا كان وجودها بمعنى وجود منشا انتزاعها وكانت اعتبارية فينقطع بانقطاع الاعتبار ومثل ان عدم الملكة لو كان له وجود في خارج الذهن وبغير وجود منشا انتزاعه اي موضوع كان تقابله مع الملكة تقابل التضاد والقوم حيث يقولون انها موجودات فالموجود عندهم قسمان أحدهما الموجود بمعنى وجود ما بحذائه والاخر الموجود بمعنى وجود منشا انتزاعه وما قال قده ان الاتصاف نسبه حق لكن النسبة ربما يكفيها في أحد الطرفين شيئية الوجود وفي الاخر وهو الصفة شيئية الماهية أليست الماهيات نعوتا ذاتية للوجودات كما مر في أول هذا السفر ان الماهيات اعراض ذاتية للوجود والامكان صفه للوجود وما ذكره بعض الأجلة في بيان المطلب ضعيف وإن كان المطلوب حقا والدليل المحكم المتقن ان المراد بالاتصاف هو الحمل والحمل هو الاتحاد في الوجود والاتحاد انما يستقيم إذا كان الوجود واحدا ولاحد الطرفين وهو الموضوع ولذا قالوا المعتبر في طرف الموضوع هو الذات وفي طرف المحمول هو المفهوم وهذا لا يستدعى الوجود للمحمول بل عدمه ولو كان له وجود فمن مقتض آخر على أنه لا بد ان يعتبر حينئذ لا بشرط ليحمل فاذن المعتبر في الاتصاف وحمل المحمول ليس الا المفهوم فالوجود غير معتبر الا في المثبت له لا في الثابت على أنه يمكن ادعاء البداهة في عدم استدعاء الاتصاف وجودا في جانب المحمول لمكان حمل العدميات كزيد أعمى وجاهل وممكن وغير ذلك س ره
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست