وان الوجود المعلول بما هو معلول مطلقا هو وجوده لعلته وان وجود السافل مطلقا هو وجوده لدى العالي المحيط بجمله السافلات فقالوا ان الممكنات طرا مادياتها ومفارقاتها موجودات لا لذواتها بل لغيرها الذي هو فوق الجميع ووراء الجملة وهو الواجب تعالى.
ولا يسع لأولئك الأكابر ولم يتيسر لهم الا هذا القدر من التوحيد وهو كون وجود الممكن رابطيا لا رابطا لأنهم لما قالوا بالثاني في الوجود أثبتوا للممكن وجودا مغائرا للوجود الحق (1) لكن على وجه يكون مرتبطا إلى الحق ومنسوبا اليه بحيث لا يمكن ان ينسلخ منه الانتساب إلى المعبود الحق تعالى.
واما نحن فبفضل الله تعالى وبرحمته أقمنا البرهان الموعود بيانه في مترقب القول ومستقبل الكلام ان الممكن لا يمكن تحليل وجوده إلى وجود ونسبه إلى الباري بل هو منتسب بنفسه لا بنسبه زائده مرتبط بذاته لا بربط زائد فيكون وجود الممكن رابطيا عندهم ورابطا عندنا وقد مرت الإشارة سابقا إلى الفرق بينهما معنى وعقد الاصطلاح المتفاوت عليها لفظا لئلا يقع الغلط من اشتباه أحد المعنيين بالاخر بسبب اشتراك اللفظ كما وقع لبعض وهم وتنبيه ان بعضا من اجله العلماء المتأخرين أراد ان يصل إلى مقام الواصلين من أصحاب المعارج وأولياء الحكمة المتعالية فقال في رسالته المسماة بالزوراء المعقودة لبيان توحيد الوجود السواد ان اعتبر على النحو الذي هو في الجسم أعني انه هيئه الجسم كان موجودا وان اعتبر على أنه ذات مستقلة كان معدوما والثوب ان اعتبر صوره في القطن كان موجودا وان اعتبر مبائنا للقطن ذاتا على حياله كان ممتنعا من تلك الحيثية فاجعل ذلك مقياسا لجميع الحقائق تعرف معنى